نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إبراهيم مازا… قرار القلب في زمن الحسابات - تواصل نيوز, اليوم الثلاثاء 30 ديسمبر 2025 07:30 مساءً
في الآونة الأخيرة، لم تعد كرة القدم مجرّد موهبة تُصقل داخل المستطيل الأخضر، بل أصبحت ساحة لصناع قرارات مصيرية، خصوصاً بالنسبة إلى اللاعبين العرب ذوي الجنسيات المزدوجة، إذ تتسارع المغريات المالية المبهرة، وتتزايد معها وعود الاستقرار المهني وبريق الشهرة، في حين تواصل الضغوط الأوروبية استهداف المواهب الناشئة لتمثيل منتخباتها.
أمام هذه المعادلة، يرى كثيرون من اللاعبين هذا الطريق أقصر نحو تحقيق الأحلام، مما يدفعهم إلى تفضيل لغة الأرقام على حساب الروابط الثقافية والهوية الوطنية.
ومع ذلك، يبرز بعض نماذج الوفاء النادرة، مثل حالة إبراهيم مازا، الذي يعدّ مثالاً استثنائياً للاعب اختار أصعب الدروب، بحيث قرّر بوضوح تجاهل الإغراءات المالية والعروض المغرية من أجل الوفاء لبلده الجزائر.
موقفه لم يكن هروباً من الطموحات بقدر ما كان تعبيراً عن اقتناع عميق بأنّ الانتماء الحقيقي إلى الوطن هو أساس النجاح، وبالنسبة إلى مازا، تمثيل بلاده الجزائر أعلى شأناً وأثمن من أيّ عقد رياضي مهما كانت قيمته.
إبراهيم مازا مع منتخب الجزائر. (أ ف ب)
قبل نصف عام فقط، كان مازا لاعباً في دوري الدرجة الثانية الألماني، إلا أنّ انتقاله إلى نادي باير ليفركوزن أحدث نقلة نوعية في مشواره الكروي، وسرعان ما برز كلاعب متألق ومثير للإعجاب، عندما تمكن من فرض نفسه في التشكيلة الأساسية منذ مباراته الأولى مع الفريق.
واصل مازا تقديم أداء مميز، بدءاً من صناعة هدف حاسم أمام مانشستر سيتي في دوري أبطال أوروبا، إلى أدائه اللافت ضد نيوكاسل يونايتد، وختاماً بثنائيته الرائعة في مرمى هايدنهايم في الدوري الألماني، وتألقه اللافت حظي بتقدير كبير تُوّج بحصوله على جائزة أفضل لاعب خلال الشهر.
كل هذا النجاح في ألمانيا لم يمنع اختيار مازا لتمثيل منتخب الجزائر بدل الانضمام إلى المنتخب الألماني من أن يكون محط أنظار الجميع، فالضغوط الكبيرة التي مارسها الألمان لجذبه لم تُثنه، وقراره أكد حبه الجارف لوطنه. وعلق مدرب المنتخب الألماني يوليان ناغلسمان قائلاً: "مازا موهبة فريدة"، موضحاً أنه اختار الإخلاص للجزائر بدل مصالح رياضية أخرى.
مازا يُمثل اليوم أيقونة للمواهب الأفريقية في خط الوسط؛ فهو لاعب متميز إذ يجمع بين الإحصائيات اللافتة والكاريزما الكبيرة داخل الملعب، وقوته الذهنية وصلابته تحت الضغط وقدرته على اتخاذ القرارات المهمة في اللحظات الحرجة جعلت منه لاعباً استثنائياً.
أداؤه على أرضية الملعب يثبت يوماً بعد يوم أنه أحد الأركان الأساسيين لجيل جديد من نجوم كرة القدم.
في أول ظهور له مع منتخب الجزائر في كأس أمم أفريقيا، رسّخ مكانته كنجم شاب واعد يحمل آمال منتخب "محاربي الصحراء" إلى المستقبل، وأظهر تألقاً لافتاً أمام السودان وسجّل أول أهدافه في البطولة مؤكداً جاهزيته لصناعة الفارق على الساحات الكبرى.
وكان تسجيله لهذا الهدف سابقة تاريخية مزدوجة، إذ أصبح أصغر لاعب يهز الشباك الجزائرية في البطولة، كما أحرز الهدف المئوي لمنتخب الجزائر على مدار تاريخه في المنافسة، وتقييمه المرتفع (7.6) كان شهادة واضحة على أدائه الرائع.
في عالم كرة القدم، المسألة ليست مجرّد اختيار للطرق الأسهل، بل هي التزام وشجاعة لإثبات الذات مع ترسيخ الهوية والولاء، وإبراهيم مازا فضّل الطريق الأصعب وقرّر الارتباط بوطنه الأم الجزائر ليكتب بنفسه تاريخاً يُضاف إلى صفحات المجد الوطني.










0 تعليق