مليارات الذكاء الاصطناعي العربية: اختبار عام 2026 - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مليارات الذكاء الاصطناعي العربية: اختبار عام 2026 - تواصل نيوز, اليوم الأربعاء 31 ديسمبر 2025 09:23 صباحاً

في عام 2025، دخل العالم العربي مرحلة مختلفة في تعامله مع الذكاء الاصطناعي. لم يعد الحديث يدور حول "اللحاق بالركب" أو "تشجيع الابتكار"، بل بات يتعلّق بأرقام ضخمة، معظمها بعشرات المليارات من الدولارات، وُضِعت على الطاولة لبناء بنية تحتية رقمية متينة تشبه، في منطقها، استثمارات النفط والغاز في القرن الماضي. لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: ماذا ستعني هذه المليارات فعلياً في عام 2026؟ وما الذي سنكتشفه عندما ينتقل الذكاء الاصطناعي من مرحلة الإعلان إلى مرحلة التشغيل؟

الأرقام المعلنة خلال عام 2025 تُظهِر اتجاهاً واضحاً: الجزء الأكبر من الأموال لم يُوجَّه إلى التطبيقات أو الشركات الناشئة، بل إلى "الأساس الصلب" لاقتصاد الذكاء الاصطناعي، أي الحوسبة ومراكز البيانات والسُحُب المتقدمة. في هذا السياق، فإن تقدُّم دولة الإمارات العربية المتحدة برهان واضح على امتلاك أصول البنية التحتية نفسها، لا الاكتفاء باحتضان التطبيقات.

من خلال صندوق "إم جي إكس"، تحرّكت أبو ظبي نحو الاستثمار في مراكز بيانات عالمية النطاق. والحديث عن صفقة تقارب 40 مليار دولار مرتبطة بشركة "ألايند داتا سنترز" يعكس توجهاً استراتيجياً يستند إلى السيطرة "المادية"، أي المباني والطاقة والتبريد، بوصفها شرطاً مسبقاً للنفوذ في اقتصاد الذكاء الاصطناعي العالمي. كذلك تؤكّد التقارير عن سعي الصندوق نفسه إلى رفع حجم الاستثمارات بما قد يصل إلى 25 مليار دولار، أن المنافسة لم تعد إقليمية فقط، بل باتت جزءاً من سباق دولي على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.

المملكة العربية السعودية، بدورها، اختارت مساراً موازياً. خلال مؤتمر "ليب 2025"، أُعلِن عن التزامات ومشاريع جديدة تقارب 14.9 مليار دولار في مجالات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية، شملت الحوسبة المتقدمة والشرائح والروبوتات ومراكز البيانات. هذه الأرقام تعكس قراراً استراتيجياً واضحاً: بناء القدرة قبل بناء السوق.

هذا القرار تجسّد في شكل أوضح في أيار/مايو 2025 مع إطلاق منصة "هيوماين" تحت مظلة صندوق الاستثمارات العامة، بوصفها ذراعاً وطنية لتطوير الذكاء الاصطناعي من خلال "السلسلة الكاملة": من مراكز البيانات والسحابة السيادية إلى النماذج اللغوية، بما فيها نماذج عربية متعددة الوسائط، وصولاً إلى حلول موجهة إلى الحكومة والقطاع الخاص.

أما دولة قطر، فدخلت السباق في توقيت متأخر نسبياً، لكن برقم كبير. في كانون الأول/ديسمبر 2025، أُعلِن عن شراكة تقارب 20 مليار دولار مع شركة "بروكفيلد" العالمية لبناء منصة متقدمة للحوسبة ومراكز البيانات.

ماذا يعني كل ذلك في عام 2026؟ أولاً، سننتقل من اقتصاد "الإعلانات" إلى اقتصاد "التشغيل". لن يُقَاس النجاح بعدد المؤتمرات ولا بحجم الالتزامات المعلنة، بل بعدد وحدات الميغاواط المشغَّلة فعلياً، ونسب الإشغال، وطول عقود التأجير. كل مليار دولار أُعلِن عنه في عام 2025 سيُختبر في عام 2026 بسؤال بسيط: ما هي النسبة التي تَحوَّلت إلى قدرة حوسبية تعمل؟

ثانياً، سيظهر الجيل الأول من الخدمات العربية للذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، ولاسيما في القطاعات الحكومة والمالية وصناعة الاتصالات. لكن هذا الظهور سيظل محدود الأثر ما لم تُحَل إحدى أكبر المجهولات التي لم تكن محسومة في عام 2025: مسألة توافر الشرائح المتقدمة والقيود الجيوسياسية المرتبطة بها. فالبنية التحتية من دون معالِجات كافية قد تتحول إلى عبء مكلف.

ثالثاً، سيبرز سؤال الطلب المحلي. هل ستتحول الحكومات والمؤسسات العربية إلى زبون دائم لخدمات الذكاء الاصطناعي، أم سيبقى الاعتماد على الطلب الخارجي لتعويض فائض القدرة؟ الإجابة عن هذا السؤال ستحدد كم من مليارات عام 2025 ستقود إلى تحول اقتصادي حقيقي وكم منها سيفضي إلى نموذج يصدّر القدرة الحوسبية.

في المحصلة، سيكون عام 2026 عام تبلور مليارات الذكاء الاصطناعي العربية إلى واقع ملموس. ليس لأنه عام الإطلاق، بل لأنه عام القياس: قياس التشغيل والاستخدام والقيمة المضافة. عندها فقط سنعرف كم من أرقام عام 2025 أسست لاقتصاد جديد، وكم منها ستؤتي ثمارها في مرحلة لاحقة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق