نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تحوّل أيديولوجي خطير في ألمانيا: النازية الجديدة تنتشر بين الشباب - تواصل نيوز, اليوم الجمعة 13 يونيو 2025 08:56 صباحاً
تواصل نيوز - نجحت ظاهرة النازية الجديدة العنيفة في ألمانيا في جذب الشباب من مختلف أنحاء البلاد، وفي زعزعة استقرار المجتمع من خلال مشاركاتهم المتزايدة في التجمعات والتظاهرات، إلى جانب التأثير الإعلامي والجماهيري المتصاعد الذي بات يتمتع به اليمين المتطرف. وقد أسهم ذلك في تطبيع مواقفه، وتعزيز شعور أتباعه بالقوة، مع إطلاق العنان لغضبهم والتحريض ضد السلطة والأجانب والتيارات اليسارية. ومع تطوّر هذا المشهد المتشدّد، برزت تحذيرات متزايدة من مخاطره واتساعه، وأطلقت الأجهزة الأمنية ناقوس الخطر نتيجة تصاعد أعمال العنف التي تُعد جزءاً من أيديولوجية اليمين المتطرف، في وقت باتت شعاراته ومواقفه المتطرفة أمراً مألوفاً ومحلّ إعجاب لدى بعض الفئات.
خلايا إرهابية يمينية متطرفة
وفي وقت تسعى الحكومة الألمانية إلى كبح جماح حزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي اليميني، من خلال تعزيز العدالة الاجتماعية وحلّ مشكلات المواطنين للحد من التحوّلات الجذرية الخطيرة في المجتمع، حذّرت وثيقة داخلية صادرة عن الشرطة الألمانية من تصاعد أعداد المتطرفين اليمينيين العنيفين من فئة الشباب، مشيرة إلى أن معظم هؤلاء القاصرين يفتقرون إلى منظومة قيم مستقرة، ويُعدّون أكثر عرضة للدعاية اليمينية المتطرفة، لا سيما عبر مجموعات دردشة على تطبيق "تلغرام" تمجّد العنف.
وخلال الأيام القليلة الماضية، نفّذ المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية مداهمات في ولايات مِكلِنبورغ-فوربومرن، وهِسّن، وبراندنبورغ، أسفرت عن توقيف خمسة شبّان تراوح أعمارهم بين 14 و18 عاماً. وتتهمهم السلطات بالانتماء إلى خلية إرهابية يمينية متطرفة تُطلق على نفسها اسم "الموجة الأخيرة من الدفاع"، وقد خططوا ونفذوا هجمات عدّة، من بينها عمليات حرق متعمّدة استهدفت مراكز إيواء للاجئين ومؤسسات يسارية، في محاولة لتقويض النظام الديموقراطي في الجمهورية الاتحادية.
انخداع بالدعاية بسهولة
ومع تحذير رئيس المكتب الاتحادي هولغر مونش مؤخراً من تزايد هذا النوع من الجرائم الخطيرة المرتكبة من قبل شبّان يمينيين متطرفين، واعتبارها تحدياً كبيراً للسلطات الأمنية، كشفت تحقيقات استقصائية أن التجنيد والتعبئة يتمّان بتزايد عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات اليمينية التي أصبحت منصات للتفاعل بين المؤيدين. وتُستخدم رموز مثل "رمز النسر" للدلالة على مجموعات متطرفة، بينما باتت المشاركة لا تتطلب حضور اجتماعات فعلية، بل تجري افتراضياً عبر الشبكة العنكبوتية.
وبيّنت تقارير أيضاً أن هناك إشارات يَستخدمها هؤلاء الشبان، أبرزها إشارة اليد التي تتمثل بضغط الإبهام والسبابة معاً ورفع الأصابع الثلاث الأخرى، والتي قد تبدو كأنها تعني "كل شيء على ما يرام"، لكنها في الواقع ترمز إلى "القوة البيضاء"، على عكس تحية هتلر المحظورة قانوناً.
وفي هذا الصدد، قال لارس فون بارغن، من مركز الاستشارات ضد التطرف اليميني في كيل، إن هؤلاء المراهقين قد لا يكونون نازيين متشددين بالمعنى الكامل، لكنهم يتلاعبون بوعي برموز اليمين المتطرف ولا يترددون في استخدامها. أما الخبير التربوي ثيلو راكو، فأوضح في تصريح لـ"دويتشلاندفونك كولتور" أن الكثير من الشباب يفتقرون إلى الثقافة الإعلامية، ما يجعلهم عرضة للدعاية على "تيك توك" و"يوتيوب"، مشيراً إلى أنّ الطلبة ذوي الميول اليمينية المتطرفة باتوا أكثر انفتاحاً، ولا يكاد يخلو جدار من رسومات الصليب المعكوف.
أرقام صادمة
وكشف التقرير السنوي لوزارة الداخلية الفيدرالية هذا الأسبوع عن ارتفاع كبير في عدد المتطرفين اليمينيين الخاضعين لرقابة الاستخبارات الداخلية، إذ بلغ عددهم 50,250 شخصاً عام 2024، من بينهم 15,300 يُعتقد أنهم مستعدون لاستخدام العنف، بما في ذلك شنّ هجمات على الاحتفالات، وارتكاب أعمال عنف بدوافع عنصرية، واعتداءات جسدية، وهجمات على مراكز اللاجئين ومرافق الشباب.
لماذا ينجرف الشباب نحو التطرف؟
وباعتبار أن تفشّي هذه الظاهرة مسؤولية مجتمعية، تناولت تحليلات سياسية سلوكيات الشباب ومواقفهم، وخلصت منظمات متخصصة إلى وجود علامات واضحة على الإحباط وخيبة الأمل السياسية، إلى جانب "الميل نحو اليمين" بين بعض الشباب، خاصة في شرق ألمانيا، حيث بات التطرف اليميني يشكّل ثقافة شبابية شائعة.
وفي هذا السياق، قال سيمون بروست من خدمة الاستشارات المتنقلة ضد التطرف اليميني، في تصريح لمجموعة "دويتشلاندفونك"، إن الأيديولوجيا اليمينية المتطرفة قد تلبي حاجات الشباب في أوقات الأزمات، إذ تمنحهم هوية، وتقدّم لهم "عدواً" واضح المعالم، فضلاً عن إضفاء الشرعية على العنف في بعض الحالات.
وبحسب علم النفس الاجتماعي، فإن الكثير من المرفوضين اجتماعياً ينضمون إلى بيئات تستقبلهم كما هم، ومن ضمنها مجموعات اليمين المتطرف، والتي تتبنّى مظاهر نازية جديدة كارتداء الأحذية العسكرية وحلق الرأس.
أما الباحث في العلوم السياسية والاجتماعية نوربرت ديركسن، فيحذّر في حديث لـ"النهار" من خطورة هؤلاء الشباب الذين يشكّلون تهديداً لحياة الآخرين في الأماكن العامة. ويشير إلى أن بعض السكان، خصوصاً في الولايات الشرقية، قد يُجبرون مستقبلاً على مغادرة مساكنهم بسبب الضغوط المتصاعدة والشعور بانعدام الأمان جراء الإهانات المتكررة من قبل هذه الجماعات.
ودعا ديركسن إلى تعزيز حضور الشرطة، وتشديد العقوبات، وتوسيع البرامج التربوية المضادة في المدارس، إلى جانب دعم مراكز الإرشاد الأسري والشبابي، والعمل على مكافحة التسرب المدرسي، مشيراً إلى أن تراجع المستوى التعليمي يجعل الشباب أكثر عرضة للانخراط في جماعات متطرفة دون وعي بعواقب تصرفاتهم.
وفي المقابل، برزت انتقادات للسلطات على خلفية ما اعتُبر مراوغة سياسية، إذ يسعى بعض المسؤولين إلى اتخاذ تدابير شكلية لمكافحة التطرف اليميني بتكاليف منخفضة، فيما دعت منظمات المجتمع المدني إلى توفير تمويل أكبر للمبادرات التي تعزّز القيم الديموقراطية.
0 تعليق