"من وحي النّغم" بقيادة أندريه الحاج مع الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق-عربية - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"من وحي النّغم" بقيادة أندريه الحاج مع الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق-عربية - تواصل نيوز, اليوم السبت 14 يونيو 2025 01:19 مساءً

تواصل نيوز - احتضنت الكنيسة الأرمنية الإنجيلية الأولى في بيروت، حفلًا موسيقيّاً متميزًا بدعوة من رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى المؤلفة الموسيقية هبة القواس حمل عنوان "من وحي النغم"، أحيته الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق – عربية بقيادة المايسترو أندريه الحاج ومشاركة ندين عواد غناءً. 

حضر الحفل شخصيات سياسية وإعلامية وموسيقية وجمهور الموسيقى الراقية في لبنان.

 

شخصيات سياسية وإعلامية وموسيقية

 

وافتتحت الأمسية الإعلامية والشاعرة ماجدة داغر، المستشارة الثقافية والإعلامية في المعهد الوطني العالي للموسيقى، بكلمة ألقتها نيابة عن المؤلفة الموسيقية هبة القواس، التي تعذّر حضورها لأسباب طارئة. وقد حمَلت الكلمة طابعاً وجدانياً عميقاً، حيث وصفت الأمسية بأنها "رحلة عابرة للأزمنة والأماكن"، مؤكدة أن الموسيقى لا تُقاس بمسافات الأرض، بل بعمق الأثر في وجدان الإنسان.

قالت داغر إنّ الموسيقى تملك القدرة على العبور خلف الحجب، وترجمة ما لا يُقال إلى لغة كونية، يفهمها القلب قبل العقل. واعتبرت أن "من وحي النغم" ليس مجرد عنوان لأمسية، بل دعوة للتأمل في الجمال الداخلي، حيث النغم يتجاوز الزمان والمكان ليحلّق بنا نحو عوالم غير مرئية.

وأثنت داغر على الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق-عربية، واصفة إياها بالروح الجماعية التي توحّد العازفين في نسيج فني متناغم ينبض بالإبداع. كما وصفت المايسترو أندريه الحاج بأنه "ساحر النغم"، الذي يحوّل بعصاه السحرية الصمت إلى موسيقى نابضة بالحياة، ويُعيد تشكيل اللحظة في لوحة سمعية فريدة، يوجّهها بشغف ودقّة.

وختمت داغر كلمتها بالإشادة بمشاركة الفنانة ندين عواد، التي شكّلت بصوتها امتداداً للشعر، لتترافق الكلمة مع النغمة، مؤكدة أن هذه الأمسية هي بمثابة دعوة صادقة للغرق في لحظة موسيقية استثنائية، تعيد إلى الذاكرة معنى الفن وجوهره، وتفتح لنا أبواب الصفاء في زمن مثقل بالضجيج.

 

الاعلامية ماجدة داغر

الاعلامية ماجدة داغر

 

وفي تجلّ فنّيِ فريد، انسكب النغم ليغمر الحضور في رحلة وجدانية عميقة، فلم تكن الأمسية مجرد حفلة موسيقية، بل كانت احتفالاً بالروح اللبنانية الخلاقة، وقدرتها على صهر التراث والابتكار في بوتقة واحدة. وكان قلب هذه الأمسية النابض هو الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق-عربية، التي تألقت تحت قيادة المايسترو أندريه الحاج، فكان الحاج ساحراً يمسك بعصا الزمن، يلوّح بها ليُطلق العنان لطاقات كامنة، ويحول النوتات الصامتة إلى ألحان حية، بقدرته الخاصة على قراءة الروح الجماعية للأوركسترا، وبتوجيهاته الدقيقة التي تجمع بين الحسم والشغف، نسج المايسترو الحاج من كل آلة خيطاً ذهبياً، ليتشكل في النهاية نسيج موسيقي متماسك، يجسد التناغم المثالي بين الأصوات الشرقية العريقة، من رنين القانون الشجي، إلى دفء العود العميق، مروراً بصدى الناي وتلك الآلات الغربية التي تضفي بعداً عالمياً على الأداء، فكان انعكاساً لسنوات من الجهد، والتفاني، والبحث عن الكمال الصوتي.

 

 

المايسترو أندريه الحاج

المايسترو أندريه الحاج

 

وإلى هذا المشهد الموسيقي الساحر، أضافت الفنانة ندين عواد بُعداً متجليّاً بصوتها الأخّاذ. تميز أداؤها بالشجن وبالقدرة على لمس أوتار الروح، فكانت في كل كلمة وكل نغمة تجربة حسية فريدة. إنها فنانة تجمع بين الإتقان التقني والإحساس الفني العميق.

 

الفنانة ندين عواد

الفنانة ندين عواد

 

وفي برنامج مُصمم بعناية، استمع الحضور إلى بانوراما منوعة أثرت الموسيقى العربية بتلاوينها المختلفة. فكان حوار فني بين الأجيال والأساليب، حيث تجاور عمالقة الإبداع ليقدموا تجربة موسيقية لا تُنسى. ومن العراقة إلى التجديد، تضمنت الأمسية أعمالاً لخالدين أمثال محمد عبد الوهاب، حيث قُدمت مقطوعة  "أنا لك على طول" شعر مأمون الشناوي بلمسة عصرية عبر إعداد هيثم سكرية، مع دمج لبيانو أربي عواد، وغناء ندين عواد ليُثبت أن الأصالة لا تموت بل تتجدد.

 

الفنانة ندين عواد والمايسترو أندريه الحاج

الفنانة ندين عواد والمايسترو أندريه الحاج

 

ولم تغب الروح الرحبانية عن الأمسية، حيث استمع الجمهور إلى أعمالٍ من إبداع زياد الرحباني، في الافتتاحية مع "ميس الريم" إضافة إلى "بكتب اسمك" شعر ولحن الأخوين رحباني، إعداد روني برّاك الذي أضاف إليها نكهة معاصرة، مع الاحتفاظ بعبق الأصالة التي تميز هذا الإرث الفني. 
وتميز الحفل بنغمات لبنانية معاصرة مثل موسيقى مرسيل خليفة في "رقصة العروس"،  الذي تمثل أعماله أيقونة للموسيقى العربية الملتزمة، وأنطوان فرح في "درب الصيداوي"، وشربل روحانا في "من وحي درويش"، وأندريه الحاج مع مقطوعة "متل القمر"، ولوقا صقر مع "نور"، و"نسيم الرياض" لعلي الخطيب، فأثروا المشهد الموسيقي بمؤلفاتهم التي تجمع بين الأصالة والتجريب.

 

 

الفنان غسان صليبا إلى جانب المايسترو أندريه الحاج والفنانة ندين عواد

الفنان غسان صليبا إلى جانب المايسترو أندريه الحاج والفنانة ندين عواد

 

لم يغفل البرنامج عن تقديم روائع من عمق التراث اللبناني العربي الأصيل، سواء عبر ألحان أصلية أو من خلال إعدادات جديدة لأعمال كلاسيكية، مما يعكس مدى غنى هذا التراث وقابليته للتجديد والتأويل. فكانت مقطوعة "ميلي يا جنات"، شعر ولحن زكي ناصيف، إعداد هاني سبليني، وبها شارك الحاج جمهوره غناء في أسلوب فريد يميز حفلاته من خلال مشاركة الحضور في الغناء، ليضفي هذا التفاعل رونقاً وبهاءً على الأمسية، كما حدث مع أغنية "بكتب اسمك" التي أعادها الجمهور بشكل تلقائي مرة ثانية.

 

 

8e40b17c4d.jpg

 

في الختام، لم تكن أمسية "من وحي النغم" مجرد حدث ثقافي عابر، بل كانت شهادة حية على أن بيروت، رغم كل التحديات، تظل مدينة النغم والإلهام. لقد جسدت هذه الليلة قوة الفن في توحيد القلوب، وتجاوز الحدود، وتقديم رسالة أمل من خلال لغة الموسيقى العالمية. إنها دعوة للتأمل في عمق هويتنا الثقافية، وتذكير بأن الموسيقى هي جسر يربط بين الأجيال، وذاكرة تتناقل حكايات الماضي، ونبض يشرق بمستقبل أكثر إشراقًا. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق