نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تسعيرة الدولة اللبنانية في مهب المخالفات: من يردع أصحاب المولدات؟ - تواصل نيوز, اليوم السبت 14 يونيو 2025 01:40 مساءً
تواصل نيوز - تفاقمت المخاوف الشعبية في لبنان حيال تداعيات قرار مجلس الوزراء الأخير القاضي بفرض ضريبة إضافية على أسعار المحروقات، خصوصاً على كلفة تشغيل المولدات الكهربائية.
وهذه المولدات أصبحت ضرورة لا غنى عنها في الحياة اليومية للبنانيين وذلك مع انقطاع التيار الكهربائي وتقنين ساعات التغذية. ومع ارتفاع أسعار المازوت، يُتوقّع أن ترتفع فواتير الاشتراك بشكل ملحوظ، ما يزيد من الأعباء المالية على المواطنين.
وأدى هذا القرار إلى ارتفاع سعر صفيحة المازوت بنحو 14% وصولاً إلى مليون و401 ألف ليرة. ولهذه الزيادة تأثيرات أكثر حدّة من الزيادة على مادة البنزين، إذ يُستخدم المازوت لتشغيل آليات النقل والصناعة والزراعة في آن معاً، فضلاً عن توليد الكهرباء.
وفي البيان الأخير لوزارة الطاقة والمياه، أعلنت أن السعر العادل لتعريفات المولدات الكهربائية الخاصة من شهر أيار هو: 27.789 ل.ل. عن كل كيلواط ساعة، مبنيةً على سعر وسطي لصفيحة المازوت (20 ليتراً) 1.260.302 ليرة لبنانية، أي قبل الارتفاع الكبير.
وما يزيد من ضبابية المشهد وتخوف المواطنين من التسعيرة المقبلة، هو عدم التزام أكثرية المولدات في الأحياء وبعض البلدات بتسعيرة وزارة الطاقة الشهرية للكيلواط ساعة.

مولد كهرباء في لبنان (وكالات).
دور وزارة الاقتصاد...
في حديثٍ خاص إلى "النهار" يؤكد مدير مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد اللبنانية، طارق يونس، أن "تسعيرة المولدات تصدر عن وزارة الطاقة، بينما تقع مسؤولية الرقابة على عاتق وزارتي الاقتصاد والداخلية، وذلك بموجب قرار صادر عن الحكومة منذ عام 2011".
ويشير يونس إلى أن "تحديد التسعيرة يتم استناداً إلى مؤشرات محددة، أبرزها سعر المازوت الذي يُعد من العناصر الأساسية في عملية التسعير".
ويضيف: "بناءً على التسعيرة التي نتبلغها من وزارة الطاقة، نقوم بدورنا في مراقبة الأسواق والتأكد من مدى التزام أصحاب المولدات بقرارات الدولة"، موضحاً أن "جزءاً كبيراً من عملنا يعتمد على شكاوى المواطنين، إذ نقوم بعد تلقّي الشكوى بالتواصل مع المعنيين وإبلاغهم بكل مستجد يتعلق بالقضية المطروحة".
ويكشف يونس أنه "يتم إرسال مراقبين للتحقيق في الشكاوى، وإذا تبيّن وجود مخالفة، سواء لجهة التلاعب بالتسعيرة الصادرة عن وزارة الطاقة، أو لعدم تركيب العدادات- وهو إجراء أقرّه وزير الاقتصاد الأسبق رائد خوري- عندها نُصدر محضر ضبط ونُحيله إلى القضاء المختص الذي يتولى إصدار العقوبات المناسبة".
من يقوم بتوقيف المخالفين؟
ويُعتبر توقيف أصحاب المولدات المخالفة لتسعيرة الدولة في لبنان له أهمية كبيرة من عدة نواحٍ، خصوصاً في ظل الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب الذي يمرّ به البلد.
في هذا السياق، يشير مدير مصلحة حماية المستهلك طارق يونس، في حديثه إلى "النهار"، إلى أن "وزارة الاقتصاد لا تملك صلاحية توقيف المخالفين، فذلك من اختصاص القضاء"، مضيفاً: "في بعض الحالات، نقوم بجولات رقابية ميدانية برفقة عناصر من مديرية أمن الدولة، التي تملك صلاحية التواصل المباشر مع القضاة أو النيابة العامة".
ويتابع: "في حال أعطى القاضي أو النائب العام إشارة بالتوقيف، تتولى مديرية أمن الدولة تنفيذ المهمة، وذلك بناءً على التحقيقات التي نجريها ميدانياً".
ويؤكد يونس أنه "لا يمكن تصنيف منطقة معينة على أنها ملتزمة بتسعيرة الدولة الخاصة بالمولدات، وأخرى غير ملتزمة، فالمخالفات للأسف منتشرة في عدة مناطق". ويشدد في هذا السياق على أن "محاضر الضبط تُنظّم أينما وُجدت المخالفة، من دون استثناء".

ساعة كهرباء (وكالات).
أهمية التعاون...
تعاون الوزارات والإدارات المعنية في ضبط المخالفات المتعلقة بأسعار المولدات الكهربائية هو أساس نجاح أي خطوة تنظيمية في هذا القطاع، وغيابه يؤدي غالباً إلى فشل تطبيق القرارات على الأرض.
في هذا الإطار، يؤكد يونس، في حديثه لـ"النهار"، أن "هناك تعاوناً مع مديرية أمن الدولة من خلال مواكبة الدوريات خلال عمليات الكشف، إلى جانب تواجد عناصر من الأمن العام في بعض الأحيان"، مشيراً إلى أن "المراقبين يواجهون أحياناً صعوبات أمنية خلال الجولات، ما يجعل وجود القوى الأمنية ضرورياً لضمان سلامتهم أثناء تنفيذ مهام الرقابة".
ويتابع يونس موضحاً: "الوزارة المعنية أيضاً بملف المولدات هي وزارة الداخلية، خصوصاً أن معظم البلديات تفتقر إلى الإمكانيات اللوجيستية اللازمة للقيام بدورها في هذا المجال، رغم أن الرقابة على المولدات تقع ضمن صلاحياتها الأساسية، والتي تتجاوز في بعض الجوانب صلاحيات وزارة الاقتصاد، نظراً لكون أصحاب المولدات يعتدون في كثير من الأحيان على الأملاك البلدية".
ويُلفت إلى أن "عدداً قليلاً فقط من البلديات تجاوب مع وزارة الاقتصاد في هذا الملف"، موضحاً أنه "في بعض الحالات، وعند تكرار المخالفات بشكل مستمر، يتم إصدار إشارة من النائب العام لمصادرة المولد، ولكن هذا يتطلب تسليمه إلى جهة تتولى تشغيله، وهنا يُفترض أن تكون الجهة هي البلدية، إن كانت قادرة على ذلك. لكن، وللأسف، قلة قليلة من البلديات قامت بهذه الخطوة بسبب محدودية الإمكانيات".
في ظل التحديات المستمرة التي تواجهها الدولة اللبنانية على صعيد تنظيم قطاع المولدات، يتضح أن التعاون بين الوزارات المعنية، والجهات الأمنية، والسلطات المحلية، هو شرط أساسي لفرض القانون وحماية المواطنين من التلاعب بالأسعار.
وبين ضعف الإمكانيات لدى البلديات، ومحدودية صلاحيات بعض الجهات، تبقى الرقابة الفعلية مرهونة بإرادة تنفيذية واضحة، ودعم قضائي فعّال، لضمان الحد الأدنى من العدالة في واحدة من أكثر الخدمات حيوية في حياة اللبنانيين اليومية.
0 تعليق