حصري فقط على تواصل نيوز - الهوَس بالعدو"... حين يتحوّل الخطاب إلى تعبير عن العجز - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حصري فقط على تواصل نيوز - الهوَس بالعدو"... حين يتحوّل الخطاب إلى تعبير عن العجز - تواصل نيوز, اليوم السبت 14 يونيو 2025 02:12 مساءً

تواصل نيوز - يُجدّد "حزب الله"، بلسان الشيخ نعيم قاسم ومسؤوليه، خطابه التقليدي عن "العدو الصهيوني"، بأسلوب بات مستهلكًا ومفرغًا من أي مضمون فعلي. خطاب لا يحمل جديدًا، بل يأتي تكرارًا مملًا لأسطوانة "الانتصار" و"التصدّي"، كأن الزمن توقّف عند لحظة مجد قديم لم تعد تنطبق على واقع سياسي واقتصادي مختلف.
لكن الأهم من الخطاب، هو ما يكشفه تكرار هذا النوع من الشعارات: عجز سياسي بنيوي، وانعدام القدرة على إنتاج حلول فعلية لمشاكل الداخل وتحدّياته المتفاقمة.

يعتبر بعض علماء السياسة أن الإفراط في الحديث عن "العدو" هو تقنية معروفة تُستخدم لتبرير الإخفاق الداخلي. كما أن تعريف السياسة انطلاقًا من وجود "عدو" هو محاولة لتثبيت الشرعية.
"الهوس بالعدو" يوحّد الجمهور تحت راية الخوف، بدلًا من توحيده حول مشروع بناء. فيُركّز دائمًا على "العدو" بطريقة أسطورية لتغطية فشل الحاكم أو الحزب في تقديم رؤية أو حلّ.

وهذا تمامًا ما يفعله "حزب الله" اليوم: يتمسّك بخطاب "المواجهة" و"التحرير"، بينما يغيب كليًا عن ملفات أخرى، ولا يبحث عن بدائل، ويُبقي لبنان أسير سلاحه وارتباطاته بإيران.

وقد لخّص رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع هذا الواقع حين قال في خطابه الأخير إنّ بعضهم لا يرى في كل الأزمات سوى "العدو الصهيوني". "إنهم مهووسون" obnubilés، لا يملكون سوى إجابة واحدة لكل المآسي: إسرائيل!".

بهذه العبارة، اختصر جعجع أزمة الخطاب السياسي لدى "حزب الله"، القائم على الهروب من الواقع نحو شمّاعة "العدو"، في تكرار شعائري يُفرغ الفعل السياسي من معناه الحقيقي.

بل أكثر من ذلك، تحوّل هذا الخطاب إلى وسيلة للتهرّب من المسؤولية.

حين تسأل أحد قياديي الحزب عن الانهيار الاقتصادي، يكون الجواب: "إسرائيل".

عن الانقسام الداخلي؟ "إسرائيل".

وهكذا، تُرمى التُّهم على الجميع، ما عدا الحزب نفسه. فلا يُحاسِب نفسه على أي قرار أو نتيجة، بل يلجأ إلى سرديّة العدو الخارجي كغطاء دائم.

ولكن ماذا يبقى من هذا الخطاب عندما يدفع جمهور الحزب نفسه ثمن الانهيار؟

ماذا يبقى منه حين يرى اللبنانيون أن مَن سوّق نفسه سابقًا باعتباره "القادر" أمنيًا وعسكريًا ومعيشيًا، لا يملك أي مشروع اقتصادي أو إداري أو اجتماعي، بعدما فضحته "حرب الإسناد" وكشفت عن قدراته الفعلية؟
وماذا يبقى منه حين يُقارن الناس بين واقع لبنان اليوم ودينامية دولٍ تعرّضت لحروب، لكنها قرّرت أن تبدأ مسار النهوض، كما تفعل سوريا اليوم؟

الحقيقة المؤلمة أن "حزب الله" لم يُتقن بعد فنّ الانتقال مما يُسمّى "المقاومة" إلى العمل السياسي، ومن "الكفاح" كما يزعم، إلى البناء.

ما زال أسير مرحلة انتهت، ولا يملك أدوات التحوّل إلى قوة سياسية تشارك بفاعلية في الدولة، بدلًا من أن تكون فوقها.

الوقت ليس لمصلحة أحد. والإصرار على خطابٍ من أجل الخطاب، من دون قدرة على المساهمة في إدارة الداخل أو تطوير أي حلّ واضح، لن يُبقي الحزب حاضرًا... بل سيُظهره كما هو، حزبًا عاجزًا سياسيًا، يعيش على أمجاد خطاب لم يَعُد يصدّقه قسم غير قليل من بيئته الحاضنة.

"مشروع البناء" الوحيد المتاح أمام "حزب الله" وأتباعه هو الانخراط في مشروع الدولة الضامنة لجميع مكوّنات لبنان. وما عدا ذلك، لا ينفع الحزب ولا يخدم مستقبل بيئته. فليفكّك ما تبقى من سلاحه، وليُسقِط من خطابه أثقال الحروب غير المجدية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق