
صرح السفير تميم خلاف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية والهجرة، أن الحملة المنظمة التي تسيء لدور مصر في دعم غزة تعد “محاولة فاشلة” تهدف إلى تشويه الحقائق حول مساهمة مصر الفاعلة في القضية الفلسطينية، كما أنها تساهم في تخفيف الضغط عن إسرائيل، وتحرف الأنظار عن الانتهاكات التي ترتكب في الأراضي الفلسطينية المحتلة عند تحويلها نحو مصر، وأي ادعاء يفيد بتقاعس أو تقصير للدور المصري يعتبر حديثًا غير منطقي يتناقض مع الواقع.
وفي حديثه لوكالة أنباء الشرق الأوسط، وصف المتحدث باسم الخارجية حديث البعض حول تراجع الدور المصري في القضية الفلسطينية بأنه “أمر غير مجدي” ويدل على جهل واضح بفهم القضية الفلسطينية في أبعادها المختلفة والأطراف المعنية بها.
عندما يُثار النقاش حول دور مصر المتراجع الذي يتردد بعض المغرضين بشأنه لصالح أطراف إقليمية أخرى، وحول ما إذا كانت مصر ترى أن هناك محاولات لإبعادها عن إدارة الملف الفلسطيني.. أوضح خلاف أننا لا نتعامل بحساسية حيال ظهور لاعبين آخرين، بل نعتبر تلك الأدوار تكملية تدعم جهود مصر، ولا تنقص منها.
وقد أشار السفير تميم خلاف إلى أن المتخصصين في هذا المجال يدركون جيدًا أن لمصر دورًا تاريخيًا ومحوريًا في القضية الفلسطينية، وهذا الدور لا يمكن استبداله لأسباب عديدة، منها الروابط الجغرافية والثقافية والعاطفية بين الشعبين المصري والفلسطيني، كما أن لمصر ذاكرة مؤسسية وفهم تاريخي عميق للقضية الفلسطينية، الأمر الذي يعتبر فريدًا من نوعه في المنطقة.
من الضروري أن نؤكد أن القضية الفلسطينية تمثل جزءًا أصيلًا من الوجدان المصري، وستظل محل اهتمام رئيسي في السياسة الخارجية المصرية، وذلك لأنها قضية إنسانية وأخلاقية تتجاوز كونها مجرد مسألة سياسية، مصر مستمرة في دعم الحقوق الفلسطينية وستواصل جهودها حتى يتم إعلان الدولة الفلسطينية على الأرض.
وأضاف: “يخطئ من يظن أن الزمن وتتابع الأجيال سيؤديان إلى تراجع القضية الفلسطينية”، مؤكدًا أنه وعلى العكس، فإن الأحداث المتعاقبة على جميع الأصعدة خلال العام ونصف العام الماضي أثبتت أن القضية الفلسطينية تبقى نابضة بالحياة، خاصة مع الأجيال الجديدة التي تسعى لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.
وفيما يخص جهود الوساطة المصرية الرامية إلى التوصل لوقف إطلاق نار في غزة وتحسين الأوضاع الإنسانية بالقطاع، أوضح المتحدث الرسمي أن مصر تواصل العمل من أجل وقف إطلاق النار وتعزيز توصيل المساعدات الإنسانية، إلى جانب تبادل الرهائن والأسرى، وذلك بالتنسيق مع قطر.
كما أوضح أن مسار المفاوضات مر بمراحل مختلفة من التقدم والجمود منذ عدم تنفيذ إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار أواخر يناير، ونأمل في تحقيق تقدم يؤدي إلى التوصل للاتفاق المنشود، والذي يتطلب الإرادة السياسية من الجانب الإسرائيلي.
وأكد أن “الكرة الآن في ملعب إسرائيل بعد تقديم الاقتراح المصري – القطري”، ونأمل أن يكون هناك تجاوب من الجانب الإسرائيلي، موضحًا أن الاقتراح يتضمن عدة عناصر، منها وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا، وتسهيل توصيل المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة، وتبادل عدد من الرهائن والأسرى.
وفيما يتعلق بالحملة الممنهجة لتقليل دور مصر في دعم غزة منذ اندلاع العدوان، وآخرها تجمع عدد معتدل بطريقة مغرضة أمام عدد من السفارات المصرية، فضلاً عن الادعاءات حول معبر رفح ونقل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وصف السفير تميم خلاف هذه الحملة بأنها “فاشلة” تسعى لتشويه الدور المصري في القضية الفلسطينية، وهي حملة تهدف إلى توجيه الضغوط عن إسرائيل وتحويل الانتباه عن انتهاكاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما مصر كانت دائمًا أكبر داعم للقضية الفلسطينية وقدمت تضحيات كثيرة لأجل نصرة الشعب الفلسطيني.
وأوضح أن مصر قدمت 70% من إجمالي المساعدات الإنسانية والإغاثية التي دخلت غزة منذ بداية الحرب، كما نظمت مؤتمرًا وزاريًا دوليًا حول الاستجابة الإنسانية في غزة بمشاركة أكثر من 100 وفد في ديسمبر 2024، لدعم احتياجات الشعب الفلسطيني، وأيضًا استقبلت مصر عددًا كبيرًا من المصابين والمرضى الفلسطينيين في مستشفياتها.
كما أشار إلى أن مصر أعدت خطة شاملة للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة من أجل القضاء على مخطط التهجير، واستطاعت أن تحشد دعمًا كبيرًا لهذا الأمر من معظم الدول، وتعتزم تنظيم مؤتمر دولي لجمع التمويل اللازم لتنفيذ هذه الخطة، لذا فإن “أي حديث حول تقاعس أو تقصير للدور المصري هو حديث سخيف يتنافى مع الحقيقة”.
وفيما يتعلق بجهود إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة على الرغم من عدم الوصول لوقف إطلاق النار، صرح السفير تميم خلاف بأن الجهود المصرية مستمرة لتعزيز قدرة وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، حيث أسفرت تلك الجهود عن إدخال 550 ألف طن من المساعدات، بالإضافة إلى استقبال 1022 طائرة محملة بالمساعدات في مطار العريش، وتوفير الرعاية الصحية لآلاف المصابين الفلسطينيين في 172 مستشفى بمصر.
وفي إطار الجهود لاستضافة مؤتمر التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، أكد المتحدث الرسمي أنه يتم التحضير مع العديد من الشركاء الدوليين لعقد مؤتمر دولي يهدف إلى تنفيذ الخطة العربية للتعافي المبكر وإعادة الإعمار، بما يسهم في بدء جهود التعافي في وجود الفلسطينيين على أرضهم.
وفيما يخص الاعترافات الأوروبية الحديثة بدولة فلسطين ودور القاهرة في دفع وتعزيز الاعتراف الدولي بحقوق الفلسطينيين، اعتبر المتحدث الرسمي أن هذه الاعترافات تمثل تطورًا هامًا وجزءًا من خطوات تجسيد الدولة الفلسطينية على الصعيد الدولي، وأعرب عن تشجيع مصر لجميع الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين لاتخاذ تلك الخطوة.
كما أكد أن الدبلوماسية المصرية كانت فعالة جداً في هذا السياق، فقد لعبت دورًا في تشجيع بعض الدول الأوروبية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مثل الزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي ساهمت في تشكيل موقف فرنسا، كما ساهمت الاتصالات المصرية مع الدول الأوروبية في دفع تلك الدول للاعتراف، مما نمى إلى علمنا أن دولًا مثل إسبانيا وأيرلندا وسلوفينيا قد أعلنت اعترافها في العام الماضي، بينما تعتزم دول أخرى مثل فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا ومالطا الاعتراف بالدولة في سبتمبر المقبل.
وأضاف المتحدث أن “التاريخ سيشهد أن الحكومة الإسرائيلية الأكثر معارضة لإقامة دولة فلسطينية تعرضت في فترة ولايتها لأعلى موجة من الاعترافات بدولة فلسطين من دول غربية فاعلة ومؤثرة”، مما يعكس دعمًا متزايدًا للدولة الفلسطينية ورفض السياسات الإسرائيلية العقابية للسلام والعدالة والتعايش السلمي.
وفيما يخص العلاقات المصرية بالاتحاد الأوروبي، أكد المتحدث الرسمي أن هناك تطورًا ملحوظًا في العلاقات بين مصر والاتحاد الاوربي، حيث تم ترقية هذه العلاقات إلى شراكة استراتيجية في مارس 2024، وهناك اهتمام مشترك بتفعيل كافة محاور التعاون التي تشمل تعزيز الاستثمارات المتبادلة والتجارة، بالإضافة إلى التعاون في مجالات المياه والهجرة والأمن والتنمية البشرية.
وتابع أن ترقية العلاقات إلى الشراكة الاستراتيجية مع العديد من الدول الأوروبية أظهرت التوجه المستمر نحو تعزيز العلاقات، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والاتحاد الأوروبي 32.5 مليار يورو في العام 2024، بعد أن كان 23 مليار يورو عام 2014.
وأوضح أن الشراكة الاستراتيجية تُعبر عن تحقيق مصالح مشتركة، وهناك رغبة متبادلة لتعزيز التعاون في قضايا مهمة مثل أمن الطاقة ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى التعاون الاقتصادي والاستثماري.
وعقب زيارة وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي الأخيرة إلى واشنطن، أكد المتحدث الرسمي أن الشراكة المصرية – الأمريكية حيوية للغاية، وعلينا العمل سويًا على تعزيزها، فهناك مجالات واسعة لتطوير العلاقات إلى مستويات أعلى من التعاون، الأمر الذي يعود بالنفع على كلا البلدين.
وأشار إلى أهمية التفاعل المنتظم مع الإدارة الأمريكية وأعضاء الكونجرس، خاصة في ظل الظروف الإقليمية الراهنة، من أجل تقديم الرؤى المصرية المتعلقة بالتطورات في المنطقة.
كذلك أكد أن هناك تقديرًا في واشنطن للتاريخ والخبرة المؤسسة لمصر، وفهمها العميق للتوازنات السائدة في المنطقة وقدرتها على التأثير في محيطها العربي.
وفيما يتعلق بتركيز وزير الخارجية على تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول الإفريقية، خاصة من خلال اصطحاب وفود من رجال الأعمال، أكد السفير تميم خلاف أن السياسة المصرية تجاه القارة الإفريقية هي مركزية واستراتيجية على مدى سنوات، لكن المرحلة الحالية تُعتبر من أكثر الفترات نشاطًا، حيث أجرى وزير الخارجية 21 زيارة رسمية للدول الإفريقية في العام الأخير، مما يعكس الأهمية الكبيرة لتعزيز الشراكة مع هذه الدول.
وأكد أن الجولة الأخيرة للوزير إلى غرب إفريقيا كانت علامة فارقة في العلاقات مع المنطقة، حيث لم تعزز فقط التواصل السياسي بل الاقتصادي والاستثماري أيضًا، كما رافقه 30 رجل أعمال ومتخصصون من القطاعين العام والخاص، مما يعكس التواصل العميق بين القطاعين.
وأضاف أن الوزير أسس تقليدًا جديدًا بضم رجال الأعمال في جولات الخارجية، مما يعزز مفهوم الدبلوماسية الاقتصادية والتجارية لدعم الاقتصاد الوطني ويرسخ لمبدأ التعاون والشراكة بين الدولة والقطاع الخاص.
وشدد على أن الجولة الأخيرة تمثل تحولًا استراتيجيًا في العلاقات المصرية الإفريقية، حيث تبادل فيها رسائل سياسية واقتصادية هامة، مما يعكس التزام مصر الدائم تجاه القارة وسعيها لتعزيز دورها كشريك مؤثر في جهود التنمية والاستقرار.
كما أوضح أن مصر تضع التعاون التنموي والاقتصادي في اولوياتها ضمن خطوات تعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية، مما يتجلى في الزيارات المكثفة المتعددة خلال الفترة الأخيرة.
وتواصل مصر جهودها الحثيثة لتوطيد العلاقات مع الدول الإفريقية على جميع الأصعدة، مع وجود مبادرات عديدة، ومنها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية والمراكز المختلفة المعنية بتسوية النزاعات، مما يؤكد التزام مصر بمسار التعاون مع الدول الإفريقية.
وفيما يتعلق بالأوضاع الليبية، أكد المتحدث أن مصر تواصل دعم الحلول السياسية والدبلوماسية للأزمات، بما في ذلك الأزمة الليبية، حيث دعمت المسار السياسي برعاية الأمم المتحدة ونسقت مع الأطراف الليبية والدولية لاستضافة لقاءات مباشرة بينهم، مشددًا على أن جهود مصر تُبذل بحرص على الأمن القومي.
كما ذكر أنه ومنذ إطلاق “إعلان القاهرة” في يونيو 2020، عملت مصر على تكثيف جهودها لحل النزاع الليبي، بينما تؤكد موقفها الثابت لدعم وحدة وسلامة الأراضي الليبية، ورفض أي محاولات لتقسيم ليبيا أو فرض أي واقع جديد لا يتماشى مع إرادة الشعب الليبي.
وأكد أن الحل الوحيد للأزمة الليبية يجب أن يكون ليبياً خالصاً، يستند إلى الحوار والتوافق بين الليبيين، مع ضرورة الابتعاد عن التدخلات الخارجية التي قد تُعطل الاستقرار، ودعا جميع الأطراف المعنية لتحمل مسؤولياتها والالتزام بمسار سياسي شامل يؤدي لانتخابات عادلة تحت مظلة الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن مصر ترحب بخريطة الطريق التي أعلنتها الأمم المتحدة لتسوية الأزمة الليبية، والتي تهدف إلى تشكيل حكومة مؤقتة وإجراء انتخابات وطنية خلال فترة تتراوح بين 12 و18 شهرًا.
وبخصوص وجود أطراف إقليمية في ليبيا وتأثيرها على الحلول السياسية، أكد السفير تميم خلاف أن استقرار ليبيا جزءٌ من الأمن القومي المصري والعربي، مشددًا على ضرورة أن تستمد الحلول من الإرادة الليبية، بعيدًا عن التدخلات الخارجية.
وخلص إلى أن وجود أطراف إقليمية في ليبيا يعوق أي تسوية سياسية حقيقية، ويقلل من فرص المصالحة الوطنية بين أبناء الشعب الليبي، مع استمرار مصر في العمل مع الشركاء للحفاظ على وحدة ليبيا وسيادتها.
وفيما يتعلق بتطورات النزاع السوداني، أكد المتحدث الرسمي أهمية تركيز الجهود على وقف إطلاق النار وحفظ وحدة السودان، وأبدى حرصه على الحفاظ على مؤسسات الدولة وضمان وصول المساعدات الإنسانية، مشددًا على ضرورة تقديم عملية سياسية انتقالية تحت قيادة سودانية.
وأوضح أن مصر تعمل على معالجة القضية السودانية عبر قنوات سياسية وإنسانية، مرفوضةً أي خطوات تهدف لزعزعة الاستقرار الداخلي أو تشجيع كيانات موازية تتعارض مع تطلعات الشعب السوداني.
واستمر التواصل مع الأطراف الفاعلة في السودان للتأكيد على أهمية الحلول الداخلية، مع الاحترام الكامل لحق الشعب السوداني في انتخاب قيادته وانتزاع حقوقه في تحقيق الاستقرار.