مهمة إنسايت تكشف أسرار العنف التاريخي في أعماق كوكب المريخ

كشفت بيانات هامة من إنسايت، التابعة لوكالة ناسا، أن باطن كوكب المريخ يختلف بشكل كبير عما كان يُعتقد سابقًا، فهو ليس بنى طبقية منتظمة، بل يشبه خليطًا فوضويًا من شظايا قديمة تعود إلى بدايات النظام الشمسي، وقد أشارت الأبحاث إلى أن تركيب الكوكب الداخلي يشبه “حلوى روكي رود” أكثر من كونه “كيكة طبقية منظمة”، حيث يحتوي على كتل صخرية ضخمة يصل حجم بعضها إلى أكثر من 4 كيلومترات، مما يعكس تاريخ المريخ العنيف الذي تأثر بالاصطدامات الكونية.

وقد أظهرت دراسة نُشرت في مجلة Science أن العلماء اعتمدوا على الموجات الزلزالية الناتجة عن “زلازل المريخ” والاصطدامات النيزكية، والتي تم رصدها بواسطة أجهزة إنسايت، ليكتشفوا أن الوشاح الداخلي للكوكب ليس منتظمًا إنما مكسور ومليء بشظايا صخرية قديمة، ما يشير إلى أن هذه البنية غير المستقرة ناتجة عن انصهار الكوكب في مراحله الأولى بفعل الاصطدامات المتكررة، مما أسفر عن تشكيل “طبقة صلبة كوكبية” بدلاً من نظام صفائح تكتونية نشط كما في الأرض.

في هذا السياق، يصف العلماء هذا المشهد بأنه “كبسولة زمنية” تحتفظ بتاريخ المريخ المبكر، حيث ظلت الشظايا القديمة محبوسة داخله لمليارات السنين، دون أن تتعرض لإعادة التدوير أو الحركة بفضل النشاط الجيولوجي، وتقدم هذه البنية الفوضوية أدلة جديدة حول كيفية تشكل الكواكب الصخرية، مما يساعد في تفسير الفروق بينها وبين كوكب الأرض.

كما كشفت الدراسات عن وجود شظايا زجاجية دقيقة تشبه قطع الزجاج المكسور داخل المريخ، مما يدل على أن الحركات الداخلية للكوكب بطيئة جداً مقارنةً بكوكب الأرض، وهذا الاكتشاف قد يفتح لنا نافذة لفهم أعمق لبواطن كواكب “الركود الجيولوجي” مثل الزهرة وعطارد، حيث تشترك هذه الكواكب مع المريخ في غياب الصفائح التكتونية النشطة.

يرى الخبراء أن هذه النتائج تمثل ثورة حقيقية في فهم الجيولوجيا الكوكبية، إذ تؤكد أن المريخ لا يزال يحتوي على سجل محفوظ من بدايات نظامنا الشمسي، مما يمكن أن يكشف عن تفاصيل مذهلة حول تاريخ الكواكب الصخرية وتطورها بشكل عام.