نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
النروج تكتب فصلاً جديداً في نهضتها الكروية - صحيفة تواصل, اليوم الخميس 16 أكتوبر 2025 04:15 مساءً
صحيفة تواصل - وسط الطبيعة الاسكندنافية الهادئة وبرودة المناخ، تتقد شعلة جديدة في الملاعب النروجية. فتلك البلاد التي لم يعرف عنها سابقاً سوى تفوقها في الرياضات الشتوية، أصبحت اليوم تعيش نهضة كروية حقيقية، تسير من خلالها بخطى ثابتة نحو المجد العالمي.
منتخب النروج، الذي غاب عن كأس العالم منذ 1998، بات قريباً من العودة عبر تصفيات 2026، بعدما فاجأ الجميع بتصدّره مجموعته التي تضمّ إيطاليا، محققاً العلامة الكاملة في ستّ مباريات، بأقوى هجوم في أوروبا (29 هدفاً) وأحد أكثر الدفاعات صلابة بثلاثة أهداف فقط.
وأصبحت النروج بحاجة إلى الفوز على إستونيا، والاكتفاء بالتعادل مع إيطاليا لتعود من جديد إلى الساحة العالمية عبر خطف بطاقة التأهل إلى مونديال 2026.
هذا التطوّر اللافت لم يأتِ صدفة، بل هو ثمرة مشروع طويل بدأه الاتحاد النروجي قبل أكثر من عقد. فقد وضعت خطة لتطوير اللعبة من القاعدة، أساسها الاهتمام بالمواهب المستحقة منذ المراحل العمرية الأولى، شملت تحديث مناهج التدريب، وإنشاء مراكز لتأهيل اللاعبين والمدرّبين، مع استلهام التجارب الألمانية والهولندية في الاعتماد على اللعب الجماعي والانضباط التكتيكي بدل البحث عن النجوم الفرديين.
ومن رحم هذه الرؤية وُلد الجيل الحالي الذي يقوده مارتن أوديغارد نجم أرسنال، وإرلينغ هالاند ماكينة أهداف مانشستر سيتي. جيل يجمع ما بين القوة والانضباط، ويُعدّ انعكاساً مباشراً لنجاح المنظومة التي تمزج ما بين الموهبة الفطرية والتكوين العلمي الحديث.
إرلينغ هالاند. (وكالات)
منتخب النروج اليوم أصبح أكثر توازناً من أي وقت مضى، بفريق يعتمد على المنظومة لا الأسماء. فكلّ عنصر يؤدّي دوره بوضوح ضمن خطة مدروسة، تبدأ من دفاع منظّم، وتنتهي بتحوّلات هجومية سريعة. هذا الفكر انعكس بدوره على الأندية المحلية التي ألزمتها اللوائح بالمشاركة في برامج تطوير المواهب تحت الـ 17 عاماً، ما ضمن استمرار تدفّق الأسماء الواعدة بلا توقف.
المميز أنّ المشروع النروجيّ لا يقتصر على تحقيق الانتصارات، بل يتجاوز ذلك إلى بناء ثقافة رياضية قائمة على القيم والتعليم والانضباط. فالشباب يتلقّون تدريباً ذهنياً حول التعامل مع الضغط واحترام الخصم والعمل الجماعي، وهو ما جعل كرة القدم جزءاً من الهوية الوطنية الحديثة، ويظهر هذا جلياً في تعامل نجوم النروج حالياً في الملاعب.
هذا الوعي والنهج الجديد انعكسا بوضوح على القاعدة الجماهيرية، التي باتت أكثر شغفاً باللعبة وأكثر وعياً بدلالاتها، حتى أصبحت كرة القدم جزءاً من الهوية النروجية الحديثة. ومع ازدياد الحضور الجماهيري والاستثمارات المحلية في الأندية والمواهب، يبدو أنّ المشهد الكروي في البلاد يعيش واحدة من أزهى فتراته.
منتخب النروج اليوم ليس مجرّد فريق يطمح إلى التأهل، بل منظومة متكاملة تسير بثقة نحو مستقبل واعد. وبينما تتابع أوروبا هذا التحوّل بهدوء، يبدو أنّ "أسود الشمال" يستعدون لكتابة فصل جديد من المجد الكروي في القارة العجوز وعلى الساحة العالمية.
0 تعليق