تستعد بودابست لتقديم واحد من أكثر مشاريعها التراثية طموحًا، حيث يُعاد افتتاح قلعة Citadella التاريخية على قمة تل غيليرت في ربيع عام 2026 بعد عملية تجديد شاملة حوّلت هذا الحصن العسكري السابق إلى معلم جذب حديث يحتفي بتاريخ المجر ويضيف في الوقت نفسه تجربة معمارية وسياحية مبتكرة. القلعة، التي لطالما كانت رمزًا للمقاومة والحرية، ستعود بثوب جديد يدمج بين الحفاظ على الهوية التاريخية وإضافة عناصر عصرية مثل الجسر الزجاجي الفريد، والمساحات الخضراء الواسعة، والمعارض التفاعلية. هذا المشروع لا يهدف فقط لتطوير المكان، بل لتحويله إلى وجهة حضرية نابضة بالحياة تقدم للزائرين إطلالات ساحرة وتجارب ثقافية ثرية في قلب العاصمة المجرية.

جسر زجاجي فريد وتجربة مشاهدة غير مسبوقة

أبرز إضافات المشروع هو الجسر الزجاجي الجديد كليًا، والذي يُعد من العناصر النادرة في أوروبا. هذا الجسر سيمنح الزائرين فرصة للسير فوق امتداد شفاف يُطل على العاصمة ببناياتها وجسورها ونهر الدانوب، في تجربة بصرية ساحرة تعزز من جاذبية المكان. الجدران الزجاجية المصممة بعناية تجعل الجسر آمنًا وشفافًا في الوقت ذاته، ما يضيف طابعًا معاصرًا لهيكل يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر. وجود هذا الجسر يعيد تعريف تجربة زيارة القلعة، إذ لا يقتصر الأمر على مشاهدة الإطلالات من نقاط ثابتة، بل على خوض تجربة حركة وانغماس في المشهد الطبيعي والمعماري للمدينة بطريقة مبتكرة. هذا التطور يعكس رغبة بودابست في تقديم عناصر جذب حديثة دون المساس بالهوية التاريخية للموقع.

مساحات خضراء ومعرض “حصن الحرية” الجديد

إلى جانب الجسر، ستشهد القلعة توسعًا كبيرًا في المساحات الخارجية لتصبح الواحة الحضرية التي تخطط لها المدينة. المساحات الخضراء ستتضاعف، مما يجعل الموقع أكثر ملاءمة للتنزه والاسترخاء وتبادل الأنشطة الاجتماعية. في الساحة الدائرية Rondella سيُفتتح معرض واسع باسم “حصن الحرية” (The Bastion of Freedom)، وهو معرض قابل للمشي يُعرّف الزائر بتاريخ نضال المجر من أجل حريتها عبر القرون. المعرض سيعتمد على تقنيات عرض حديثة ومسارات متنقلة تجعل التجربة تفاعلية وغنية بالمعلومات. كما سيضم الفناء الداخلي نافورة مياه وشعلة أبدية، رموزًا تُحاكي استمرارية الروح الوطنية للمجر. بالإضافة إلى ذلك، سيُضاف مقهى حديث ومتجر للهدايا، مما يحول المكان إلى تجربة متكاملة تجمع بين الثقافة والترفيه والطبيعة.

تجديد شامل يحافظ على التاريخ ويحتفي بالاكتشافات

أعمال التجديد التي بدأت في عام 2020 لم تكن سطحية، بل شملت ترميمًا معماريًا عميقًا استخدم فيه المصممون أكبر قدر ممكن من الحجَر الأصلي وتقنيات بناء من عصر هابسبورغ. هذا الاهتمام بالأصالة تزامن مع دمج مواد معاصرة لتقديم شكل جديد دون فقدان الروح التاريخية. وخلال الترميم تم اكتشاف آثار سلتية ورومانية وتركية، مما يؤكد أهمية الموقع التاريخية عبر مختلف العصور. القلعة التي بنيت في الأصل عام 1854 من قبل النمساويين بعد الثورة المجرية أصبحت اليوم رمزًا للسيادة الوطنية، وقد شهدت على مراحل طويلة من التاريخ، بما في ذلك الاحتلال السوفيتي عام 1956. إعادة افتتاحها بهذه الصورة يجعلها ليست مجرد معلم سياحي، بل فصلًا جديدًا يكتب في قصة بودابست نفسها.

في النهاية، تمثل إعادة افتتاح قلعة Citadella حدثًا بارزًا يجمع بين التاريخ والحداثة، ويوفر للزوار تجربة فريدة تمتد من الجسر الزجاجي إلى المعارض والمساحات الخضراء. ومع الإطلالات البانورامية التي طالما أحبها الزوار، ستصبح القلعة واحدة من أهم محطات الرحلات إلى بودابست العام المقبل، وتجربة لا يمكن تفويتها لكل من يخطط لاكتشاف المدينة من أعلى نقطة مليئة بالحكايات والجمال.