على مدى ثلاثة أرباع القرن، كان الدعم الثابت لإسرائيل، في شكل مساعدات عسكرية ودعم دبلوماسي، مدعوماً بمشاعر عامة واسعة النطاق، سمة لا تمحى من سمات المشهد السياسي الأمريكي، لكن الآن بعد عامين من العدوان على قطاع غزة والمعارضة للحرب، تتغير آراء الجمهور الأمريكي ويتزايد الدعم للفلسطينيين.

وكشف تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية أنه بعد عامين من الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر، 2023 والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص من الجانب الإسرائيلي، والذي أثار في البداية موجة من التضامن الشعبي، فإن آراء الجمهور الأمريكي شهدت بالفعل تحولا ملحوظا، كما تقول استطلاعات الرأي والمحللون.

وفي ظل المعارضة المتزايدة بسبب الحرب في غزة، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 67 ألف فلسطيني وإنتاج صور مروعة للمجاعة على نطاق واسع، انخفض الدعم الشعبي لإسرائيل إلى مستويات غير مسبوقة - في حين ارتفعت التعاطف مع القضية الفلسطينية.

إبادة جماعية

وأشار التقرير إلى أن التأثير كان واضحا في ميشيجان، عندما لاحظ عبد الله السيد، المرشح الديمقراطي لمجلس الشيوخ الأمريكي في ميشيجان، أن شيئا ما قد تغير أثناء حملته الانتخابية في 100 بلدة ومدينة في ما كانت لفترة طويلة واحدة من الولايات المتأرجحة في الانتخابات في البلاد، الأسبوع الماضي.

وقال السيد: "لا شك في أن تغييرًا قد حدث، لقد شهدنا الآن إبادة جماعية، وهذا من شأنه أن يُحدث تغييرًا جذريًا في الرأي العام".

كما وافقت مالوري ماكمورو، إحدى منافسات عبدالله السيد في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي التي جرت لاستبدال السيناتور المتقاعد جاري بيترز، علناً على وصف الصراع بأنه "إبادة جماعية".

وأكدت الصحيفة البريطانية أن السياسيين - الديمقراطيين والجمهوريين - الذين كانوا في السابق يحجمون عن توجيه أي انتقادات خفيفة لإسرائيل، ينددون الآن علانية بالهجوم المستمر على غزة، ويصفه عدد صغير ولكن متزايد من الناس بأنه إبادة جماعية، إذ يعتقد المحللون أن التغيير في الرأي العام جوهري لدرجة أنه يُمثل تحولاً دائماً.

ومن الجدير بالذكر أن لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك) ــ التي كانت لسنوات جماعة الضغط الأكثر نفوذاً المؤيدة لإسرائيل، والتي نظمت تحديات أولية وتفاخرت بإقالة أعضاء الكونجرس الذين اعتبرتهم شديدي الانتقاد أو غير داعمين ــ أظهرت علامات على تراجع نفوذها، حيث أفادت التقارير بأن كبار الديمقراطيين قطعوا علاقات طويلة الأمد معها.
ويبدو التحول الزلزالي أكثر وضوحا بين عامة الناس.

تغير جذري

وأفاد استطلاع رأي أجراه مركز بيو للأبحاث الأسبوع الماضي أن ما يقرب من ستة من كل عشرة أمريكيين، أي 60%، يحملون الآن نظرة سلبية تجاه إسرائيل، ويعتقد 39% أن الحرب على غزة "مبالغ فيها" - مقارنة بـ 31% ممن حملوا نفس الرأي قبل عام، و27% ممن اعتقدوا ذلك بعد شهرين فقط من بدء الحرب، وأظهر استطلاع رأي أجرته نفس المؤسسة عام 2022 أن 42% يحملون آراء سلبية.

وتؤكد استطلاعات رأي أخرى هذا التحيز المناهض لإسرائيل، فقد أظهر استطلاع حديث أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع سيينا، أن التعاطف مع الفلسطينيين يفوق تأييدهم لإسرائيل، وإن بفارق ضئيل، بنسبة 35% مقابل 34%.

كما أظهر استطلاع رأي أجرته مجلة الإيكونوميست بالتعاون مع يو جوف في أغسطس أن 45% من الجمهور يعتقدون أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية مقارنةً بـ 31% فقط ممن يعارضونها، ويعتقد حوالي أربعة من كل عشرة يهود أمريكيين الأمر نفسه، وفقًا لاستطلاع جديد أجرته صحيفة واشنطن بوست.

وكان التغيير أكثر حدة بين الديمقراطيين، حيث يتراجع الدعم لإسرائيل بين جميع فئات الناخبين ــ مع ما قد يترتب على ذلك من آثار عميقة محتملة على الانتخابات المستقبلية والسياسة الخارجية الأمريكية.

وقد تصدرت مارجوري تايلور جرين، عضو الكونجرس اليمينية المتشددة من جورجيا، عناوين الصحف في يوليو عندما وصفت تصرفات إسرائيل في غزة بأنها "إبادة جماعية"، وذلك قبل عدة أسابيع من قيام بيرني ساندرز، السيناتور التقدمي من فيرمونت، بالشيء نفسه.

وأخيرا انتبه ترامب لهذا الأمر، ففي حديثه مع صحيفة ديلي كولر في سبتمبر، قال الرئيس، وهو يقف إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو- إن إسرائيل فقدت نفوذها السياسي في واشنطن.

وأضاف ترامب: "كانت إسرائيل أقوى جماعة ضغط رأيتها في حياتي، كانت تسيطر سيطرةً كاملةً على الكونجرس ، والآن فقدت هذه السيطرة".
وربما يكون التململ المتزايد بين قاعدة ترامب قد دفعه إلى محاولة إنهاء الحرب بقدر أعظم من الإلحاح لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفقا للتقرير.