تتجه انتخابات مجلس النواب المصري نحو مصير غامض وغير مسبوق، بعد أن طالتها شبهات تزوير واسعة دفعت إلى إلغاء نحو 70% من نتائج المرحلة الأولى بقرارات صادرة عن الهيئة الوطنية للانتخابات والمحكمة الإدارية العليا.

ففي ساعة متأخرة من مساء السبت، أصدرت المحكمة الإدارية العليا أحكامًا بإلغاء نتائج الانتخابات في 29 دائرة موزعة على 10 محافظات، لتنضم إلى 19 دائرة أخرى سبق للهيئة الوطنية أن ألغت نتائجها في وقت سابق من نوفمبر بسبب مخالفات جسيمة وتجاوزات من مرشحين.

وبذلك يرتفع إجمالي الدوائر الملغاة إلى 48 دائرة من أصل 70، أي ما يعادل نحو 68.5% من دوائر المرحلة الأولى التي أُجريت في 14 محافظة، معظمها في صعيد مصر، وهو ما وضع العملية الانتخابية برمتها أمام اختبار صعب.

محافظات كاملة أُلغيت فيها الانتخابات

شملت قرارات المحكمة إلغاء الانتخابات في محافظات عدة، بينها الجيزة (7 دوائر)، الإسكندرية (2)، الفيوم (3)، المنيا (5)، أسيوط (4)، سوهاج (8)، قنا (4)، الأقصر (3)، أسوان (2)، الوادي الجديد (2)، والبحيرة (7).

وتكشف هذه القائمة أن محافظات بأكملها—مثل الأقصر وأسيوط وسوهاج وقنا والوادي الجديد—ألغيت نتائج الانتخابات فيها بالكامل.

السيسي يدخل على الخط: “لا تترددوا في الإلغاء الكامل”

الانتقادات الواسعة التي صاحبت المرحلة الأولى دفعت الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى التعليق بشكل مباشر، إذ دعا الهيئة الوطنية للانتخابات إلى مراجعة دقيقة، قائلاً إن عليها “ألا تتردد في الإلغاء الكامل للمرحلة، أو الإلغاء الجزئي في الدوائر التي تعذر فيها الوصول إلى إرادة الناخبين الحقيقية”.

وكتب السيسي في تدوينة أثارت تفاعلاً واسعاً: “اتخذوا القرارات التي تُرضي الله… وتكشف بكل أمانة عن إرادة الناخبين… ولا تترددوا في إلغاء الانتخابات بالكامل إذا لزم الأمر.”

ولاحقًا، أوضح الرئيس أن موقفه كان بمثابة “فيتو” اعتراضًا على ما وصفه بممارسات غير مرضية.

شراء أصوات وتدخلات… والداخلية تعلن ضبط المخالفين

على مدار يومي المرحلة الثانية، أعلنت وزارة الداخلية ضبط حالات شراء أصوات وتأثير غير مشروع على سير العملية الانتخابية، في ظل توثيق حالات تكدس حاد أمام اللجان ودمج غير مبرر لدواخل الاقتراع.

دعوات متصاعدة لإلغاء الانتخابات بالكامل

اللواء ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل، وصف ما جرى بأنه “أسوأ تجربة انتخابية في تاريخ مصر الحديث”، معتبرًا أن التكدس، وغياب الإشراف الكافي، وشراء الأصوات، كلها أسباب كافية للمطالبة بإلغاء الانتخابات وإعادة فتح باب الترشح بعد إصلاح شامل للهيئة الوطنية للانتخابات.

كما اعتبر المحامي طارق العوضي أن إلغاء 48 دائرة “إعلان وفاة لشرعية العملية الانتخابية”، داعيًا إلى تشكيل هيئة مستقلة “تكشف كل ما جرى وتحاسب المتورطين مهما كانت مواقعهم”.

المرحلة القادمة: انتظار حسم محكمة النقض

ومع إلغاء معظم دوائر النظام الفردي بالمرحلة الأولى، ينتظر أن تفصل محكمة النقض في الطعون على انتخابات القوائم—التي تمثل نصف مقاعد مجلس النواب—إلى جانب الطعون على انتخابات المرحلة الثانية التي جرت في 13 محافظة يومي 24 و25 نوفمبر، ولم تعلن نتائجها بعد.

وبين أحكام الإلغاء، والطعون المتراكمة، والانتقادات غير المسبوقة، تبدو الانتخابات البرلمانية المصرية أمام منعطف حاسم قد يعيد صياغة المشهد السياسي برمته في الأسابيع المقبلة.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك