نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"حزب الله" والعصر الحجري - تواصل نيوز, اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025 10:10 صباحاً
تواصل نيوز - بيار جبّور
باحث في شؤون الارهاب
يُسلط هذا التحليل الضوء على تحوّل استراتيجي وتكتيكي محوري يُحتمل أن يكون قد تبنّاه "حزب الله" يتلخّص في العودة إلى أنماط قتالية "بدائية" والاعتماد على اللامركزية الصارمة. إن عبارة " عودة حزب الله إلى تكنولوجيا العصر الحجري" ليست مجرد وصف لتقهقر تقني، بل هي مفهوم عسكري عميق يشير إلى التخلّي القسري أو الطوعي عن تفوّق العصر الرقمي والاعتماد على السرية والتمويه كبديل للقيادة والسيطرة الحديثة وتأثير الهيكلية اللامركزية، ومبدأ التقسيم الصارم للمعلومات.
⸻
أولاً: المعنى العسكري لعبارة "عودة حزب الله إلى تكنولوجيا العصر الحجري".
هذه العبارة لا تُؤخذ حرفياً، بل تُستخدم في الأدبيات العسكرية للدلالة على الحرمان التكنولوجي الكامل،
أي أن الحزب سيتخلّى أو يُجبر على التخلّي عن منظومات الاتصالات، الحديثة، القيادة والسيطرة (C2) وأنظمة الطائرات المسيّرة، والرصد الإلكتروني.
ماذا يعني عمليًا:
1- قطع الاتصالات الرقمية المشفّرة واستبدالها بوسائل بدائية (الرسل، الإشارات، الخطوط الأرضية القديمة)
2- تقييد استخدام الأجهزة الإلكترونية خشية الرصد، ما يقلّل من سرعة اتخاذ القرار الميداني.
3- تحوّل في نمط القيادة من "قيادة شبكيّة متصلة" إلى "قيادة ميدانية مستقلّة" تعتمد على المبادرة الفردية.
4- فقدان التفوق المعلوماتي، أي ضعف في الوعي الميداني (Situational Awareness) أمام خصم يمتلك أقماراً اصطناعية واستطلاعًا آنيًا.
بالتالي، من منظور عسكري:
الحزب سيعود إلى أسلوب قتال (الحرب الغارية) أو "الخلايا المقاومة" الصغيرة، حيث تُستبدل التكنولوجيا بالتمويه، السرية، والاعتماد على الجغرافيا والبشر بدلاً من الأنظمة الإلكترونية.
ثانياً: ما معنى "تشكيلات لامركزية"
اللامركزية هنا تعني تفكيك البنية العسكرية إلى وحدات صغيرة مستقلّة عملياتيًا.
كل وحدة تمتلك مواردها، قيادتها، وخططها الخاصة ضمن توجيه عام.
من منظور عملياتي:
الهدف هو زيادة المرونة والبقاء (Survivability)-
فإذا دُمرت قيادة مركزية أو انقطعت الاتصالات، تستمر كلّ خلية بالعمل من دون شلل شامل.
لكنها في المقابل تفقد القدرة على التنسيق الاستراتيجي، أي أن الحزب قد يحتفظ بالنار، لكنه يخسر المناورة الموحّدة.
اللامركزية بهذا الشكل تشير إلى استعداد الحزب لخوض حرب استنزاف طويلة الأمد، حيث الأولوية هي البقاء والإنهاك لا الحسم.
ثالثاً: وضع حدود لكلّ وحدة لا تتخطاها في المعلومات أو التحركات.
هذا المفهوم أمنيّ بامتياز، ويدلّ على اعتماد ما يُعرف بـ مبدأ compartmentalization، أي التقسيم الصارم للمعلومات.
كل وحدة تعرف فقط ما تحتاجه لتنفيذ مهمتها.
لا تملك حق الاطلاع على تحركات الوحدات الأخرى أو خططها.
عند الاختراق أو الأسر، يُمنع انتقال المعلومات عن المستويات الأخرى.
الأثر الأمني: تقليص الاختراق، تقليل الخسائر الاستخبارية، وحماية الشبكة.
الأثر التكتيكي: بطء في التنسيق العملياتي وصعوبة تنفيذ عمليات مشتركة واسعة النطاق.
الخلاصة الاستراتيجية
ماذا قصد الشيخ نعيم قاسم إن الحزب "تعافى"
1-عودة حزب الله إلى "تكنولوجيا العصر الحجري" وتبنيه لتشكيلات لامركزية يعني أنه:
2- يستعدّ لمرحلة دفاعية طويلة، تعتمد على المرونة والبقاء لا السيطرة.
3- يعترف عملياً بأن المجال الإلكتروني والاستخباري الإسرائيلي متفوق جداً.
4- يراهن على البيئة الميدانية، الحاضنة المحلية، والتكتيك الصغير أكثر من التكنولوجيات المعقّدة.
5- يتحوّل من تنظيم عسكري شبه نظامي إلى تنظيم مقاوم سرّي متعدد الخلايا، كما كان في الثمانينيات ولكن بخبرة أكبر.
تُظهر التحولات حول "تكنولوجيا العصر الحجري" "إلى التشكيلات اللامركزية"، ومبدأ التقسيم الصارم للمعلومات، استعدادًا واضحًا من "حزب الله" لخوض حرب استنزاف طويلة الأمد تكون فيها الأولوية للبقاء والمقاومة على حساب الحسم العسكري الشامل "الذي لم ولن يحققه الحزب في يوم من الأيام على إسرائيل" نظرًا لتقدمها التكنولوجي والعسكري واللوجستي. هذا التحول يُمثل اعترافًا عمليًا بتفوق الخصم الساحق في المجال الاستخباري والإلكتروني، ورهانًا على المرونة الميدانية، السرّية والجغرافيا اللبنانية المعقدة كأفضل أدوات الصمود. بالخلاصة، يبتعد الحزب عن نموذج التنظيم شبه النظامي المتصل إلكترونيًا ليتحول إلى شبكة "مقاومة" سرّية معزولة العمليات ومحصنة استخباراتيًا، مما يُصعّب اختراقه وتدميره بشكل حاسم، ولكنه في المقابل يحدّ من قدرته على القيام بمناورات استراتيجية موحّدة أو عمليات مشتركة واسعة النطاق. إنها استراتيجية "البقاء بالنار وليس بالمناورة" تعيد الحزب إلى جذور حرب العصابات مع خبرة قتالية متراكمة.
0 تعليق