"المؤثر الصغير" في تونس… بين استغلال الطفولة وتفجير المواهب - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"المؤثر الصغير" في تونس… بين استغلال الطفولة وتفجير المواهب - تواصل نيوز, اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025 11:53 صباحاً

تواصل نيوز - "الطفل المؤثر" أو "صانع المحتوى "، ظاهرة تتسع في العالم، لكنها أثارت جدلاً متصاعداً في تونس تزامناً مع فترة العودة للمدارس حول حدود المسموح والممنوع، بحيث تباينت الآراء بين من يرى فيها فرصة لإبراز المواهب وتكوين شخصية الطفل وبين من يُنبه الى مخاطرها عليه ويعتبرها شكلاً جديداً من أشكال استغلال الطفولة.

 

 

فتاة تقدّم محتوى على السوشيل ميديا (Freepik)

 

ضحايا التنمر
وفي الأيام الأخيرة، انتشرت عشرات مقاطع الفيديو التي تظهر فيها طالبات وهن يوثقن على طريقة كبيرات صانعات المحتوى، كيفية استعدادهن يومياً للذهاب الى المدرسة بدءاً من مرحلة وضع المكياج وتصفيف الشعر إلى مرحلة اختيار الإطلالة.

وكانت هذه المقاطع منطلقاً لجدل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن تعرضت صاحباتها لحملة تنمّر كبيرة فتح معها النقاش حول ظاهرة وجود الأطفال على منصات التواصل الاجتماعي كصناع محتوى. 

 

مخاطر نفسية واجتماعية
وفي تونس كما في دول عدّة، تنتشر الحسابات التي تضع الأطفال في صدارة المشهد في مقابل عقود إعلانية مربحة. وعلى هذه الحسابات قد يظهر الطفل كصانع محتوى أو قد تعمد عائلته إلى تصويره كجزء من المحتوى الذي تنشره بغاية التكسب.

وكما الكبار تغري الشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي الطفل أيضاً الذي يجد متعة في حصد المشاهدات. وقد يلقى الأمر قبولاً لدى العائلة التي لا تتنبه الى المخاطر المحدقة بابنها على الفضاء الرقمي، معتقدة أن حضوره عليها لمجرد التسلية، وفق القاضي عمر الوسلاتي "فتغفل عن مراقبته أو تشجعه على المواصلة بمشاركة ما ينشره".

على الجانب الآخر، تُحذّر الدراسات العلمية الحديثة من أن الشهرة المبكرة قد تترك آثاراً طويلة الأمد على الصحة النفسية للأطفال من ذلك فقدانهم لثقتهم بأنفسهم خارج العالم الرقمي، كما أنها قد تجعلهم خصوصاً ضحايا حملات تنمر وسخرية.

لكن رئيس جمعية حقوق الطفل الدكتور معز الشريف يؤكد أن لوجود الطفل على الفضاء الرقمي انعكاسات سلبية ونتائج إيجابية كذلك، موضحاً في تصريح لـ"النهار" أنّ الطفل الذي يبحر من وراء الشاشة يعتقد أنه في حصانة من التنمر والاستغلال، وفي الواقع قد يجد نفسه في غياب الرقابة أو في ظل تواطؤ العائلة ضحيةً لها.

في المقابل يقول إن من المهم اليوم "تربية الطفل على المواطنة الرقمية"، معتبراً أن هناك مبالغة في التطرّق الى مخاطر الفضاء الرقمي على الأطفال في مقابل إغفال حسناته ومن بينها خصوصاً تطوير معارفه وإبراز مواهبه.

 

 

تفاعل متباين على مواقع التواصل الاجتماعي للمحتوى الذي يُقدّم (Freepik)

تفاعل متباين على مواقع التواصل الاجتماعي للمحتوى الذي يُقدّم (Freepik)

 

 

مسؤولية مشتركة
لا يتوقف الجدل حول ظاهرة حضور الطفل على الفضاء الرقمي عند الأبعاد النفسية والاجتماعية فحسب، بل يمتد إلى الإطار القانوني الذي يحمي هؤلاء الأطفال. 

ويمنع القانون التونسي وفق ما يؤكده القاضي عمر الوسلاتي لـ"النهار" استغلال الطفل ويحدد شروط نشر صوره في الفضاء الرقمي وكيفيتها.

ويؤكد أن تصوير الطفل وإن كان برضى الولي قد يدخل في خانة استغلال الأطفال "وهو فعل مجرّم قانوناً"، لافتاً إلى أن "العائلة ليست حرة في استغلال طفلها كما يحلو لها".

ويؤكد أن "ما يحدث في بعض الحالات يوازي تشغيل الأطفال في ورش أو مزارع، لكن بلبوس رقمي أكثر بريقاً".

ووفق العديد من الدراسات يُقدَّر حجم سوق "المؤثرين الأطفال" بمليارات الدولارات عالمياً، إذ لا تتردد الشركات والعلامات التجارية في استثمار براءتهم لجذب جمهور عريض.

ويقول الوسلاتي إن حماية الأطفال وفق القانون التونسي مسؤولية مشتركة تتدخل فيها جهات عدة، في صدارتها العائلة التي يجب عليها أن تحمي طفلها وتمنع استغلاله، وقاضي الطفولة الذي يتدخّل عندما يعاين حالات يقع فيها استغلاله وتعريضه للخطر، ووزارة المرأة والطفولة التي يرى أنها مطالبة في ظل توسع هذه الظواهر بالقيام بحملات توعية كثيفة. 

من جانبه يقول الدكتور الشريف إن الفضاء الرقمي أصبح متاحاً للجميع، لافتاً إلى أنه لا يمكن منع الأطفال من النفاذ إليه لأنه يمنحهم فرصة لتنمية مهاراتهم ومواهبهم، لكنه في المقابل يشير إلى ضرورة تضافر الجهود لتوفير بيئة آمنة لهم للإبحار عليه، ووفق تعبيره فإن "الواقع الجديد يفرض علينا ضرورة تدريب أطفالنا على كيفية التعامل الصحيح مع هذا العالم الجديد".

يبقى النقاش مفتوحاً حول هذه الظاهرة وربما تكمن المعضلة في كيفية الموازنة بين الزامية مواكبة التطور الرقمي وضرورة حماية الطفولة، وهي معادلة لا تحسمها القوانين وحدها.

 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق