يشتهر شمال شرق الولايات المتحدة بواحد من أجمل العروض الطبيعية على وجه الأرض: موسم تغير ألوان أوراق الأشجار في الخريف، حيث تتحول الغابات إلى لوحات من الأحمر والبرتقالي والذهبي. لكن هذا السحر الموسمي الذي يجذب آلاف الزوار إلى نيويورك كل عام يبدو أنه مهدد بالتلاشي سريعًا في هذا الموسم تحديدًا. فقد أدى صيف جاف وخريف دافئ بشكل غير معتاد إلى تسريع تساقط الأوراق قبل أن تتمكن من المرور بمراحلها اللونية المعتادة. وبدلًا من أن تتدرج من الأخضر إلى الأصفر فالأحمر، تتجه مباشرة إلى البني ثم تسقط، لتختصر الرحلة التي ينتظرها هواة التصوير ومحبو الرحلات البرية كل عام.

عادةً ما يتبع هذا الموسم إيقاعًا طبيعيًا يمكن التنبؤ به؛ حيث تبدأ قمم جبال الأديرونداكس أولًا في الوهج الذهبي، تليها جبال كاتسكيلز، ثم وادي هدسون، وصولًا إلى حدائق مدينة نيويورك في أواخر أكتوبر أو أوائل نوفمبر. لكن هذا العام، خرجت الطبيعة عن النص. موجات الجفاف التي طالت أكثر من 40% من الولايات المتحدة أثرت بشدة في الغطاء الشجري، ومع ارتفاع درجات الحرارة ليلاً تأخرت عملية التلوّن بينما تسارعت عملية الجفاف. وبناءً على ذلك، رُصدت ذروة الألوان في بعض المناطق قبل موعدها بأسابيع، بينما قفزت أشجار القيقب والبلوط مباشرة من الأخضر إلى الأرض دون المرور باللون الذهبي الذي ينتظره الجميع.

ومع ذلك، لا يزال هناك بصيص أمل. فالتقارير الصادرة عن مبادرة "I LOVE NY" تظهر أن بعض المناطق الريفية في الشمال، مثل ألف جزيرة وأجزاء من وسط نيويورك، ما زالت تحتفظ ببقع زاهية من الألوان. لكن هذه الفرص مؤقتة للغاية ومن المتوقع أن تتلاشى سريعًا، مما يعني أن على المسافرين الراغبين في مشاهدة هذا العرض الطبيعي أن يتحركوا دون تأخير. بالنسبة للمقيمين أو الزوار في المدينة، فإن الرحلة القصيرة إلى بير ماونتن أو متنزه هاريمان ستيت قد تكون الخيار الأمثل خلال الأيام القليلة المقبلة قبل انتهاء المشهد كليًا. وحتى داخل المدينة، من المتوقع أن تبدأ أشجار الجنكة في مانهاتن—خاصة في حي ويست فيليدج—بعرض ألوانها الصفراء الزاهية بحلول أوائل نوفمبر.

كل هذا يجعل موسم خريف 2025 مختلفًا عن الأعوام السابقة؛ فهو ليس فصلًا ممتدًا بل ومضة لونية خاطفة. لذا فإن التخطيط التقليدي لرحلة لاحقة قد لا يكون مجديًا هذا العام. من يرغب في رؤية نيويورك تحت عباءة الخريف عليه أن يتعامل مع الموسم كفرصة محدودة زمنياً لا تنتظر أحدًا. وبينما قد لا تكون الألوان مهيبة كما في السنوات الماضية، فإن التجربة تظل جزءًا أصيلًا من روح السياحة الموسمية في الولاية. فحتى لحظات الطبيعة العابرة تحمل جمالًا خاصًا لا يدركه إلا من يسارع إلى اغتنامه.

في نهاية المطاف، قد لا يكون خريف هذا العام كما اعتدناه، لكنه يذكّرنا بأن الجمال لا يُقاس بمدته بل بقدرتنا على ملاحظته في اللحظة المناسبة. نيويورك لن تتوقف عن الإدهاش، حتى حين تتساقط ألوانها أسرع من المتوقع. فقط من يستجيب بنداء الطبيعة سريعًا هو من يحظى بالمشهد كاملاً.