جولة جديدة من الاحتجاجات في إيران: ما هي السيناريوات المحتملة؟ - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جولة جديدة من الاحتجاجات في إيران: ما هي السيناريوات المحتملة؟ - تواصل نيوز, اليوم الثلاثاء 30 ديسمبر 2025 05:09 مساءً

شهدت إيران خلال الأيام الأخيرة تصاعداً في موجة الاحتجاجات الشعبية، مدفوعة بأزمات اقتصادية متفاقمة وارتفاع غير مسبوق في أسعار العملة والسلع الأساسية. وتحولت هذه الاحتجاجات من النقاشات في الفضاء الافتراضي إلى الشوارع، ما أثار قلق السلطات من احتمال توسعها وانتقالها إلى مدن أخرى، وتحولها من احتجاجات مهنية ومعيشية إلى حركة اجتماعية أوسع قد تحمل مطالب سياسية أكثر جوهرية.

قلق متزايد بسبب الحرب الأخيرة
في هذا العام، زاد هذا القلق زيادة مضاعفة بسبب وقوع الحرب الإسرائيلية-الأميركية ضد الجمهورية الإسلامية التي استمرت من 13 إلى 24 حزيران/يونيو 2025. يُقال إن مصممي الحرب الـ12 يوماً كانوا يتوقعون أن يمهدوا الطريق لاحتجاجات شعبية في شوارع طهران من خلال مهاجمة المراكز العسكرية والأمنية، وأن يخلقوا مقدمات لانهيار الجمهورية الإسلامية. لكن بسبب غضب ومعارضة أغلبية الشعب الإيراني للهجوم العسكري الإسرائيلي، لم يحدث ذلك.

 

 

مع ذلك، في الأسابيع الأخيرة، مع الارتفاع غير المسبوق في أسعار الذهب والدولار في إيران وعدم تفاعل الحكومة مع هذه المشكلة، زاد قلق الناس من انخفاض قيمة العملة الوطنية، بعدما تجاوز سعر الذهب في إيران حاجز 150 مليون تومان (حوالي 1,100 دولار أميركي بناءً على أسعار كانون الأول/ديسمبر 2025)، وسعر الدولار 140 ألف تومان، قبل أن تعاود الانحفاض إلى نحو 138,000 تومان للدولار حسب تقارير السوق الحرة.
انتقل هذا القلق العام إلى احتجاج جزء من النشطاء في أسواق طهران، والتجار الذين تعتمد أسعار سلعهم على سعر الدولار أضربوا عن العمل يوم الأحد 28 كانون الأول، وفي اليوم التالي انعكست هذه الاحتجاجات في بعض المدن مثل طهران وهمدان وقشم وملارد قرب طهران، وقامت وسائل إعلام وشبكات اجتماعية معارضة للحكم في إيران على تضخيمها من ناحيتين: أولاً، أظهرت حجمها وانتشارها أكبر من الواقع. وثانياً، فسرت الاحتجاج على غلاء العملة كمعارضة لنظام الجمهورية الإسلامية. على الرغم من أنه لا يمكن إنكار أن جزءاً طبيعياً من المحتجين دائماً يريدون تغيير النظام في إيران.

التزامن مع أحداث هامة أخرى
تزامنت الاحتجاجات في الأيام القليلة الماضية مع أحداث هامة أخرى عديدة يمكن أن تؤدي إلى تحولات غير متوقعة. هذه الأحداث تشمل:
1- لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 29  كانون الأول 2025، وتأكيد كلا المسؤولين احتمال شن هجوم جديد على المنشآت النووية والصاروخية الإيرانية.
2- سبق ذلك بساعات قبول استقالة رئيس البنك المركزي الإيراني محمد رضا فرزين، الذي يعتقد الكثيرون أنه ساهم كثيراً في الغلاء الأخير بسبب سوء الإدارة وعدم القدرة على إعادة أكثر من 116 مليار دولار من عائدات الصادرات خلال السنوات السبع الماضية، وقد تم تعيين عبد الناصر همتي (وزير الاقتصاد السابق) خلفاً له.
3- معارضة غير مسبوقة من البرلمان الإيراني للخطوط العريضة لمشروع قانون الموازنة لعام 2026-2027، لأن الجوانب الداعمة لمعيشة الشعب فيها ضعيفة.

 

ساهم الغلاء الفاحش في اندلاع الاحتجاجات الجديدة في إيران. (أ ف ب)

ساهم الغلاء الفاحش في اندلاع الاحتجاجات الجديدة في إيران. (أ ف ب)

 

مع مراعاة ما سبق، يمكن تصوّر سيناريوات عدّة للاحتجاجات الجديدة في إيران، ويعتمد احتمال حدوث كل منها على أربعة متغيرات هامة:
1- سلوك المحتجين.
2- قرارات الحكومة في إيران لتهدئة المجتمع.
3- طريقة تعامل المؤسسات الأمنية والشرطة مع الاحتجاجات.
4- مواقف وسياسات الدول الأجنبية، خاصة الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل.

السيناريوهات المحتملة: بين التهدئة والتصعيد


السيناريو الأول: التهدئة السلمية
بالنظر إلى الجانب الاقتصادي والمعيشي البارز لهذه الاحتجاجات، إذا تمكنت الحكومة من إظهار أنها تسيطر على الوضع ويمكنها كبح الغلاء من خلال تدابير معينة، واتخاذ موقف تعاطفي ومرن مع المحتجين وتجنب العنف، فإن هذه الاحتجاجات ستتراجع وتأخذ شكل مطالب وطلبات جماعية ومهنية سلمية. أمر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وزير الداخلية بالحوار مع المحتجين يُعتبر خطوة مناسبة في هذا الاتجاه.

السيناريو الثاني: الاستمرار والتوسع
إذا لم ترغب الحكومة أو لم تستطع السيطرة على أسعار العملة والذهب والغلاء، ولم ترد على مطالب الشعب المحتج بقرارات ملموسة، فإن هذه الاحتجاجات ستستمر حتى يحقق المحتجون مطالبهم. ربما تهدأ لبضعة أيام، لكنها ستعود مرة أخرى وبذريعة أخرى، وقد تتوسع وحتى تصبح راديكالية بالنظر إلى مستوى عدم الرضا والغضب لدى بعض الناس من سياسات البلاد. في هذا السيناريو، ستتعلم المؤسسات المسؤولة عن النظام والأمن من التجارب السابقة وتتجنب أي عنف، وتركز فقط على كبح الاحتجاجات وتهدئتها. كما أن وسائل الإعلام التابعة للحكم ستعكس الاحتجاجات بعدل وتتجنب تصويرها كسياسية أو مرتبطة بالخارج. في الماضي، لم تنجح وسائل الإعلام التابعة للسلطة ولا المؤسسات الأمنية ذات الصلة في هذه المسألة.

السيناريو الثالث: التصعيد الداخلي
نوع مواجهة الحكم مع الاحتجاجات المتشكلة سيحدد السيناريو الثالث والرابع. إذا اعتبر الحكم الاحتجاجات نوعاً من الإطاحة الناعمة، ونشرت وسائل الإعلام التابعة للحكم رواية ثورية عنها، وعاملت المؤسسات الأمنية والشرطة المحتجين كأعداء وطابور خامس للعدو، فستتصاعد الاجتجاجات وتؤدي إلى العنف، وفي أفضل الحالات، ستخنق الحكومة الاحتجاجات بقمع واسع وشديد. لكن يبدو أن السيناريو الرابع سيظهر في هذه الحالة.

السيناريو الرابع: التدخل الخارجي والفوضى
أسوأ سيناريو متخيل هو تدخل الدول الأجنبية، خاصة إسرائيل، في الاحتجاجات الداخلية الإيرانية وتحويلها من احتجاجات مهنية وسلمية إلى اضطرابات عامة وعنيفة ضد الهيكل السياسي للبلاد والنظام الجمهوري الإسلامي والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. في هذه الحالة، هناك احتمال لاشتباك عسكري جديد وحتى اغتيال القيادة، بالإضافة إلى احتمال تدخل عناصر وجماعات مرتبطة بالموساد في الاحتجاجات الشوارعية. مساء الاثنين 29 كانون الأول، كتب الحساب الرسمي بالفارسية التابع للموساد أنه يدعم المحتجين الذين يريدون إسقاط الجمهورية الإسلامية. هذا السيناريو الرابع لم يكن له سابقة في تاريخ الحركات الاحتجاجية في إيران، ويبدو أنه مع مراعاة ما قيل والأدلة المتوفرة، في حال تحوّل الاحتجاجات إلى العنف، فإن احتمال حدوثه مرتفع. لهذا السبب، حذر الرئيس الإيراني ورئيس البرلمان من أن رد إيران سيكون قاسياً وغير قابل للحساب في حال هجوم إسرائيلي جديد.
في الخلاصة، يمكن القول إن الكرة حالياً بيد السلطات في إيران، التي تستطيع منع أي تدخل إسرائيلي محتمل من خلال تجنب العنف في مواجهة الاحتجاجات، والرد الملموس والعملي على المطالب الشعبية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق