مأساة الفريق محمد علي الحداد.. من المستفيد من مصرع رئيس أركان قوات غرب ليبيا؟! - تواصل نيوز

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مأساة الفريق محمد علي الحداد.. من المستفيد من مصرع رئيس أركان قوات غرب ليبيا؟! - تواصل نيوز, اليوم الاثنين 29 ديسمبر 2025 12:32 مساءً

سرعان ما اتجهت الاتهامات، عقب تحطم الطائرة التي كان يستقلها رئيس أركان قوات غرب ليبيا، الفريق أول، محمد علي الحداد (59 عاما)، مساء الثلاثاء الماضي، إلى أطراف عدة يُرجَّح أنها تستفيد من غياب الرجل الذي كان يمثل ثقلًا عسكريًا وسياسيًا مؤثرًا في غرب ليبيا، حيث كان يرسخ لمشروع يقوم على توحيد البلاد، في وقت أصبحت فيه ليبيا منقسمة بين إدارتين تعيشان حالة صراع ممتد منذ ما يقرب من 15 عامًا، ما أضعف بنية الدولة وعمّق الانقسام.

القائد العسكري الراحل كان يتبنّى موقفًا صريحًا يدعو إلى خروج المرتزقة الأجانب بعد أن تحول وجودهم إلى عبء مباشر على الأمن الليبي، هذا الدور جعل اغتياله، وفق توصيف متداول، يتجاوز كونه استهدافًا لشخصه، ليُفهم باعتباره ضربة لفكرة الوحدة الليبية نفسها، التي مثّلها وقادها رئيس الأركان الراحل في مرحلة شديدة التعقيد من تاريخ البلاد.

طالت الشكوك رئيس حكومة غرب ليبيا (المقالة من البرلمان) عبد الحميد الدبيبة، حيث كان الفريق محمد علي الحداد، بصفته رئيس أركان الجيش في الغرب الليبي، أحد أقوى مراكز التأثير داخل المؤسسة العسكرية في منطقة الغرب، وكان من الشخصيات التي يُحسب لها حساب في موازين القوة السياسية والأمنية. هذا الموقع جعله طرفًا فاعلًا في معادلات الداخل، وليس مجرد قائد عسكري معزول عن الصراع السياسي.

الحداد دفع بشكل واضح نحو إنهاء المرحلة الانتقالية، وإنجاز التعديلات الدستورية، والإسراع بإجراء الانتخابات. هذه المطالب اصطدمت مباشرة باستمرار عبد الحميد الدبيبة في منصب رئيس الوزراء رغم انتهاء ولايته، ما وضع الرجلين في مسارين متعارضين. وفق هذا الاتجاه، فإن كل ما دعا إليه الحداد كان يقوض بقاء الوضع القائم، ويهدد مصالح قوى داخلية ترى في استمرار المرحلة الحالية ضمانًا لمواقعها ونفوذها.

الاتهامات غير الرسمية تلاحق إسرائيل، الساعية لتعزيز نفوذها داخل ليبيا الدولة الغنية بالنفط والموارد الطبيعية، وتعيش في الوقت نفسه حالة هشاشة سياسية وانقسام مؤسسي عميق. ليبيا طُرحت، في سياق الحرب على غزة، ضمن الدول المرشحة لاستقبال أعداد من الفلسطينيين، غير أن الجنرال الراحل محمد علي الحداد رفض هذا الطرح بشكل قاطع. تقارير عدة تحدثت عن موافقة أبدَاها، الدبيبة، على استقبال بعض المهجرين، ما وضع الحداد في موقع المعارض الوحيد داخل المؤسسة العسكرية لهذا التوجه. وهذا الرفض قد يكون دافعًا واضحًا للتخلص من شخصية وُصفت بالقوية، وحازت ثقة شعبية وسياسية مؤثرة، وبرز اسمها ضمن المرشحين لتولي أدوار أوسع في حال قيام دولة ليبية موحدة.

دائرة الشكوك اتجهت نحو تركيا، التي لقي محمد علي الحداد مصرعه جوًا على أراضيها، في ظل وجود عسكري وأمني تركي داخل ليبيا منذ يناير 2020، استنادًا إلى اتفاق مع حكومة الوفاق الوطني الليبية آنذاك، التي طلبت استمرار الوجود التركي حتى عام 2028. هذا الوجود شمل قوات نظامية وخبراء عسكريين وأمنيين، في وقت لم تصدر فيه إحصاءات رسمية دقيقة حول حجم القوات المنتشرة، بينما أشارت تقارير متداولة إلى أعداد تقترب من 18 ألف عنصر، بينهم أعداد كبيرة من الخبراء المتمركزين في قاعدة الوطية غرب طرابلس.

تركيا ترتبط، في الوقت نفسه، بعقود واستثمارات اقتصادية وعسكرية في غرب ليبيا تتجاوز قيمتها 20 مليار دولار، وتسعى إلى توسيع نطاق هذه المصالح خلال المرحلة المقبلة. هذا التوجه يرتبط بما تمتلكه ليبيا من حقول غاز تُعد الأكبر في أفريقيا، والأقل تكلفة والأسهل من حيث الاستخراج. استمرار حالة الانقسام الداخلي، وفق هذا المنظور، يساهم في تثبيت الوجود التركي عسكريًا واقتصاديًا، ويخدم الحفاظ على معادلة قائمة تمنح أنقرة نفوذًا واسعًا في أحد أهم ملفات المتوسط.

دائرة الشكوك نفسها شملت روسيا، التي تحتفظ بقوات «شبه رسمية» داخل ليبيا، عُرفت سابقًا باسم «فاجنر» قبل أن تتحول تسميتها إلى «الفيلق الأفريقي». هذه القوات ما زالت تنتشر في عدة مناطق بالشرق والجنوب الليبي، مع تركّز واضح في قواعد الجفرة والقرضابية وطبرق وغيرها. تقديرات غير رسمية تضع عدد عناصرها بين 1800 و3000 عنصر، ويتغير هذا العدد تبعًا لطبيعة المهام وحالة الانخراط الروسي في الحرب الأوكرانية، التي دفعت موسكو إلى خفض جزء من انتشارها الخارجي.

يبدو أن فقدان شخصية بحجم رئيس الأركان الليبي السابق أثار موجة واسعة من الشجن الوطني، في ظل إدراك عام للدور الذي كان يمكن أن يؤديه في مسار توحيد المؤسسة العسكرية بين الشرق والغرب. محمد علي الحداد أعلن أكثر من مرة سعيه إلى جيش ليبي موحد، واستند في ذلك إلى شبكة احترام متبادلة مع أطراف فاعلة في المشهد الليبي. هذا التقدير ظهر بوضوح في نعي القائد العام لقوات الشرق خليفة حفتر له، حين وصفه بأنه «رجل وطني مخلص»، في إشارة ذات دلالة سياسية وعسكرية تتجاوز المجاملة البروتوكولية.

مواقف الحداد الرافضة لوجود الميليشيات المسلحة والمرتزقة الأجانب لقيت قبولًا واسعًا داخل قطاعات مختلفة من المجتمع الليبي، ما جعله أحد القلائل الذين توافرت فيهم عناصر قادرة على لمّ الشمل الوطني. هذا الدور المحتمل اصطدم بمصالح قوى دولية وإقليمية ومحلية تستفيد من استمرار هشاشة الوضع الليبي. على وقع ذلك، شهدت العاصمة طرابلس مظاهرات واسعة نددت بحكومة عبد الحميد الدبيبة، وهاجمت مجمل الطبقة السياسية التي تمسكت بمواقعها لسنوات دون إنهاء الانقسام. المتظاهرون طالبوا بالاستفتاء على الدستور، وإنهاء المرحلة الانتقالية، في بلد يعاني منذ نحو خمسة عشر عامًا تفكك الدولة، وانهيار الحياة السياسية، وتراجع الأمن والخدمات، وانتشار السلاح والميليشيات في مختلف المناطق.

تحطمت الطائرة التي كان يستقلها رئيس أركان قوات غرب ليبيا محمد علي الحداد مساء الثلاثاء الماضي، عقب عودته من زيارة إلى العاصمة التركية «أنقرة» في طريقه إلى بلاده، ما أدى إلى مصرعه مع خمسة من مرافقيه، إضافة إلى طاقم الطائرة المكوّن من ثلاثة أفراد.الحداد تخرّج في الكلية العسكرية عام 1985، وينحدر من مدينة مصراتة. شغل خلال مسيرته عددًا من المناصب داخل الجيش الليبي قبل اندلاع احتجاجات عام 2011، وارتبط اسمه مبكرًا بالمؤسسة العسكرية النظامية.

بعد حالة الفوضى التي لحقت بليبيا عقب 2011، انضمت قطاعات واسعة من القوات المتمركزة في طرابلس إلى جانب حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا آنذاك، وكان الحداد ضمن هذه الترتيبات. في عام 2015 تولى منصبًا قياديًا رفيعًا في المنطقة العسكرية بطرابلس، التي تُعد من أكثر المناطق حساسية من الناحية العسكرية في غرب البلاد.كما لعب دورًا بارزًا في المحادثات التي رعتها الأمم المتحدة لتوحيد القوات العسكرية في الشرق والغرب، وهي مساعٍ استمرت لسنوات دون تحقيق نتائج ملموسة، في ظل الاضطرابات الأمنية والسياسية المتكررة التي يشهدها الغرب الليبي.

الطائرة المنكوبة من طراز «فالكون 50» أقلعت من مطار أنقرة متجهة إلى طرابلس، قبل أن تتحطم بعد نحو 19 دقيقة من الإقلاع في أجواء منطقة «هايمانه» جنوب العاصمة التركية، حيث عثرت السلطات على حطامها في محيط جنوب أنقرة. وزارة الداخلية التركية أعلنت أن الطائرة، التي يعود تاريخ تصنيعها إلى عام 1988، أبلغت عن عطل كهربائي قبل سقوطها. وزير الدولة الليبي للاتصال والشئون السياسية وليد عمار دعم هذا التفسير، مؤكدًا أن المؤشرات الأولية المتاحة حتى الآن تشير إلى خلل تقني بوصفه السبب المرجح للحادث.

في المقابل، ما زالت عدة تساؤلات تفرض نفسها بقوة في ملف مقتل رئيس الأركان الليبي. أول هذه الأسئلة يتعلق بسبب استئجار طائرة من دولة أجنبية، مع ترجيحات بأن ملكيتها تعود إلى شركة يونانية. السؤال الثاني يرتبط بعمر الطائرة، التي تجاوزت 37 عامًا منذ تصنيعها عام 1988. أما السؤال الثالث فيتصل بطبيعة الطائرة نفسها، إذ صُممت أساسًا لتنقلات رجال الأعمال، وهي طائرة صغيرة نسبيًا وقديمة، ما يفتح الباب أمام التساؤل حول إجراءات الفحص الفني التي خضعت لها، سواء في مطار طرابلس أو في مطار أنقرة قبل الإقلاع.

الإجابات عن هذه الأسئلة ينتظر أن تقدمها التحقيقات التي بدأت بالفعل، بعد إرسال الصندوق الأسود إلى ألمانيا لتحليله باعتبارها جهة محايدة. أهمية هذه التحقيقات لا تنبع فقط من طبيعة الحادث، بل من هوية الضحايا أيضًا، إذ أسفر التحطم عن مصرع محمد علي الحداد، وقائد القوات البرية في غرب ليبيا الفريق أول فتوري غرييل، وقائد هيئة التصنيع العسكري اللواء محمود القطفاني، ومستشار رئيس الأركان محمد العساوي دياب، ومصور رئاسة الأركان محمد عمر أحمد محجوب، إضافة إلى طاقم الطائرة المكوّن من ثلاثة أفراد.هذا الغياب الجماعي لقيادات عسكرية بارزة يعزز مخاوف حقيقية من إطالة أمد الانقسام الليبي، في لحظة كانت تشهد حاجة ملحة إلى مسار توحيد المؤسسات.

اقرأ أيضاً
مأساة الفريق «الحداد» في سماء أنقرة

انقطاع الاتصال قبل الحادث.. العثور على جثث رئيس أركان ليبيا ومرافقيه في أنقرة

عاجل | تحطم طائرة عسكرية في أنقرة يودي بحياة رئيس الأركان الليبي وعدد من مرافقيه

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق