نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المرأة هي الأسطورة.. رحيل أحد كبار الفن في إيران - تواصل نيوز, اليوم الاثنين 29 ديسمبر 2025 04:53 مساءً
حالة حزن سادتْ بين محبي السينما والمسرح والفن في إيران، بعد وفاة الممثل والمخرج وكاتب السيناريو بهرام بيضائي الذي رحل الجمعة، في كاليفورنيا الأميركية، في ذكرى يوم مولده 26 كانون الأول/ديسمبر 1938. بيضائي، بحياته التي عاشها بين الملكية والجمهورية وديانته البهائية، مثل رمزيةً للإيراني الذي رفض أن يكون لأمته وهويته تاريخ مبتور بقوة رواية السلطة الحالية، وهو ما دفع صحيفة محافظة مثل "كيهان" إلى مهاجمة الحكومة الإصلاحية التي انبرى مسؤولوها لتقديم التعزية بشخصية ارتبطت بوجدان الشعب الإيراني بمدرستها الفنية التي ستستمر لأجيال في أعمال آخرين.
المرأة هي الأسطورة
يُعدّ بهرام بيضائي أحد أبرز المسرحيين والمخرجين في إيران المعاصرة، وقد اتسمت أعماله دائماً بنظرة نقدية عميقة للأسطورة والتاريخ، وباهتمام خاص بمكانة المرأة داخل البُنى الاجتماعية والسياسية. فالمرأة في عالم بيضائي ليست مجرد شخصية فردية، بل رمز لتاريخ مُهمَّش، وهوية مقموعة، وقوة مقاومة في مواجهة النظام الذكوري السائد.

ينطلق بيضائي في السينما والمسرح من موقع المؤرخ وعالم الأساطير، معتمداً على النص بوصفه حاملاً للذاكرة الثقافية، الممتدة من المرويات الشفوية إلى "الشاهنامه" والتاريخ السياسي الإيراني. وفي هذا السياق، تحتل المرأة موقعاً مركزياً، وتتجلى بثلاث صور رئيسية: بوصفها كائناً أسطورياً يحمل جوهر الحياة، وبوصفها تاريخاً مقموعاً دفع ثمن التحولات الاجتماعية، وبوصفها شكلاً من أشكال المقاومة الهادئة التي تقوم على حفظ الذاكرة والتمسك بالحقيقة.
يتجلى هذا التصور بوضوح في فيلمين بارزين هما "حرب العصابات تارا" و"باشو، الغريب الصغير". ففي "تارا" تُستعاد الأسطورة في سياق معاصر، من خلال شخصية امرأة ريفية تعثر على سيفٍ موروث لا يتلاءم مع واقعها اليومي، لكنه يفتح باباً للتاريخ والرمز. تمثل تارا امرأة مستقلة، فاعلة، تمتلك حق القرار، وتتحول إلى رمز للحياة والقوة، بعيداً عن صورة المرأة المستسلمة أو المنكسرة. الفيلم مشبع بالدلالات الأسطورية، ويتجاوز الواقعية ليطرح فكرة إحياء الماضي عبر الحب والحياة.

أما في "باشو" فيقدّم بيضائي معالجة مختلفة وأكثر واقعية، تركز على آثار الحرب والهجرة. هنا تبرز شخصية نائي، المرأة الريفية التي تحتضن طفلاً هارباً من الحرب، لتصبح رمزاً للأمومة والرحمة وحفظ الذاكرة الإنسانية. المرأة في هذا الفيلم ليست فاعلاً سياسياً مباشراً، بل محور أخلاقي وإنساني يحفظ تماسك الأسرة، ويعيد تعريف الانتماء والهوية في مواجهة العنف والاقتلاع.
هنا يرسم بيضائي، عبر شخصيات مثل تارا ونائي، صورةً مركبة للمرأة الإيرانية، حيث تلتقي الأسطورة بالتاريخ، والذاكرة بالمقاومة. فالمرأة في أعماله ليست كليشيه سردياً، بل قوة تأسيسية تسعى، رغم الخسارات الفردية، إلى صون القيم الإنسانية ومواجهة تشوهات التاريخ والأيديولوجيا السائدة.










0 تعليق