نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"ترانه" وثائقيّ يكسبها قلوب الملايين: نجمة سينمائية في قلب الانقسام الإيراني - تواصل نيوز, اليوم الاثنين 29 ديسمبر 2025 05:03 مساءً
أثار بث شبكة "بي بي سي الفارسية" وثائقياً عن ترانه عليدوستي، الممثلة البارزة في السينما الإيرانية، موجة واسعة من التفاعل في داخل إيران وخارجها. عليدوستي، التي مُنعت من العمل خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب رفضها الحجاب الإلزامي، تحولت في السنوات الأخيرة إلى واحدة من أبرز رموز الاعتراض الثقافي والسياسي في البلاد.
الوثائقي، الذي يحمل عنوان "ترانه"، أخرجته الممثلة والمخرجة الإيرانية المعارضة بيغاه أهنغراني، التي هاجرت إلى لندن منذ عام 2021. وقد صُوّر داخل إيران من دون حضور المخرجة، في خطوة تعكس بحد ذاتها حساسية العمل وظروف إنتاجه.
وحظي الوثائقي بانتشار ملحوظ، إذ أُعيد نشر مقاطع منه على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتناولته عشرات المقالات، معظمها أشاد بالعمل وبشخصية ترانه عليدوستي.
ويُعتقد بأن هذا الزخم هو ما أثار حفيظة وسائل الإعلام المحافظة وأنصار الحجاب الإلزامي. فقد حقق مقطع قصير من الوثائقي على "إنستغرام" أكثر من 25 مليون مشاهدة خلال أقلّ من 48 ساعة، فيما تجاوز عدد مشاهدي النسخة الكاملة على "يوتيوب" — المحظور في إيران — المليون ونصف المليون.
من الشاشة إلى الشارع
برز اسم ترانه عليدوستي بقوة خلال حركة "المرأة، الحياة، الحرية" عام 2022، إلى جانب ممثلات أخريات مثل كتايون رياحي، وهنغامه قاضياني، وهانيه توسلي، وأفسانه بايغان. وقد اتخذت مواقف علنية ضد الحجاب الإلزامي، ودعمت المحتجّين الشباب.
في ذروة تلك الاحتجاجات، نشرت صورة لها من دون حجاب، معلنة أنها لن ترتديه بعد الآن، ثم انتقدت أحكام الإعدام الصادرة بحق محتجّين، ما أدى إلى اعتقالها قبل الإفراج عنها لاحقاً.
عليدوستي، المولودة في 12 كانون الثاني/يناير 1984، هي ابنة لاعب كرة القدم الإيراني السابق حميد عليدوستي. بدأت مسيرتها الفنية في سن الثامنة عشرة، وسرعان ما حصدت جوائز محلية ودولية، أبرزها جائزة الفهد البرونزي في مهرجان لوكارنو عام 2002، إلى جانب تكريمها في مهرجاني فيزول وهانوي.
لا ندم ولا تراجع
في الوثائقي، تتحدث عليدوستي بوضوح وثقة عن قرارها رفض الحجاب الإلزامي، مؤكدة أنها لا تشعر بأي ندم، وأن منعها من العمل لم ينتقص من قيمتها، بل زاد من قربها من الناس. وتظهر من دون حجاب، بل وفي مشهد داخل مسبح، كما تروي تفاصيل اعتقالها.
ما شدّ انتباه الجمهور هو إصرارها على البقاء في إيران والعيش وفق قناعاتها الشخصية، في وقت يتزامن عرض الوثائقي مع حديث متجدد عن تشديد قوانين الحجاب، بعد أشهر من تعليق تنفيذ قانون صارم بقرار رئاسي.
ظهرت ترانه عليدوستي بمشهد داخل مسبح في الوثائقي المثير للجدل. (اكس)
مرض نادر وبعد إنساني
يكشف الوثائقي جانباً شخصياً مؤثراً، إذ تتحدث عليدوستي عن إصابتها بمرض مناعي نادر يُعرف باسم متلازمة رد الفعل الدوائي مع فرط الحمضات (متلازمة دريس). بدأت أعراض المرض بالظهور في آب/أغسطس 2023، وأدى إلى تساقط كامل لجلد جسدها لمدة عام. ورغم تجدد الجلد، لا تزال آثار المرض واضحة على يديها، في مشاهد أثارت تعاطفاً واسعاً.
إخراج هادئ وتأثير عميق
اعتمدت بيغاه أهنغراني أسلوباً إخراجياً يبدأ بمشاهد مرحة من أفلام مثلت فيها عليدوستي، قبل أن ينتقل تدريجياً إلى الممثلة الإيرانية لتسرد بشكل عميق تجربة السنوات الثلاث الماضية. ورغم الثقل العاطفي، خصوصاً عند الحديث عن اعتقالها أمام ابنتها، لا تنهار ترانه ولا تبكي، بل تظهر تماسكاً لافتاً، وهو ما منح الوثائقي قوة إضافية.
هجوم محافظ واهتمام شعبي
لم يمر الوثائقي من دون ردّ، إذ شنّت وسائل إعلام محافظة مثل "همشهري" و"جوان" و"فرهيختغان" و"قدس" هجوماً حاداً على عليدوستي والوثائقي، معتبرة أن قدرتها على انتقاد النظام من داخل إيران تنفي روايات القمع.
في المقابل، يرى خبراء إعلام أن هذا التفاعل يعكس حاجة المجتمع الإيراني إلى رواية آلامه الجماعية، من إسقاط الطائرة الأوكرانية عام 2020، إلى احتجاجات 2009 و2019 و2022، وصولاً إلى الحرب القصيرة بين إيران وإسرائيل في حزيران/يونيو 2025. جراح لم تُشفَ بعد، بل ثمة الكثير من الحقائق غير المروية عنها، والمجتمع الإيراني عطش لمراجعة وسرد هذه الآلام المشتركة ليتمكن من رسم طريق للمستقبل.










0 تعليق