براغ التشيكية… حكاية مدينة تبدو كأنها من القصص - تواصل نيوز

تُعد براغ واحدة من أكثر مدن أوروبا سحرًا، فهي مدينة تتداخل فيها العصور بسلاسة مدهشة، لتبدو كأنها لوحة فنية خرجت من صفحات رواية قديمة. تمتزج فيها الأبراج القوطية مع الجسور الحجرية والبيوت الملوّنة، بينما تنساب على ضفاف نهر فلتافا حكايات عمرها قرون. ورغم أن المدينة اكتسبت شهرتها من طابعها الرومانسي، فإنها تقدّم أيضًا تجربة ثقافية غنية تجذب ملايين الزوار سنويًا. ومع كل زاوية فيها، يشعر المسافر أنه يعيش في عالم آخر، يمتد من العصور الوسطى وصولًا إلى الحداثة الأوروبية الهادئة.

سحر العمارة في قلب المدينة القديمة

تُعد المدينة القديمة في براغ من أبرز المناطق التي تجعل الزائر يشعر بأنه يسير داخل قصة خيالية. فالساحة الرئيسية، بساعتها الفلكية الشهيرة التي تعود للقرن الخامس عشر، تُعتبر واحدة من أكثر معالم أوروبا إثارة للإعجاب. عند كل ساعة، يتجمّع السياح لمشاهدة العرض الميكانيكي الذي تنبض به الساعة، في مشهد يشعر كل من يراه وكأنه يشهد لحظة تاريخية حيّة. وعلى بعد خطوات، ترتفع كنيسة السيدة العذراء ذات الأبراج المزدوجة، لتعكس الطراز القوطي الذي يميز المدينة. أما الأزقة الضيقة المرصوفة بالحجارة القديمة، فتنقل الزائر بين متاجر الحرف اليدوية والمقاهي الصغيرة التي تحتفظ بروح المكان الأصيلة.

جسر تشارلز… ممر بين زمنين

يمتد جسر تشارلز فوق نهر فلتافا كأحد أهم رموز براج، وهو جسر حجري يعود إلى القرن الرابع عشر ويُعد نقطة التقاء بين ضفتي المدينة وتاريخها. تصطف على جانبيه عشرات التماثيل التي تضفي عليه طابعًا روحانيًا، بينما يقف الفنانون والرسامون ليبيعوا أعمالهم في جو نابض بالحياة. سيرًا على الجسر، يمكن ملاحظة تناغم مذهل بين العمارة القوطية والنهضة والباروك، حيث تتوزع الأبراج الدفاعية القديمة على الطرفين، مانحة الجسر هيبة لا تتكرر في أي مكان آخر. كما يتيح الجسر إطلالة بانورامية على قلعة براغ، التي تُعد من أكبر القلاع التاريخية في العالم وتضم كاتدرائية سانت فيت ذات التصميم المهيب.

قلعة براغ والحياة الثقافية المزدهرة

تُعد قلعة براغ رمزًا للهوية التشيكية ومركزًا سياسيًا وتاريخيًا يعود لأكثر من ألف عام. داخل أسوارها، تتنوع المباني الملكية والكاتدرائيات والحدائق التي تُظهر تطور العمارة الأوروبية عبر قرون. زيارة القلعة تتيح للزائر تجربة لا تُنسى، تجمع بين ممرات قديمة تطل على المدينة من أعلى، وغرف ملكية احتفظت بعبق الحكم الإمبراطوري. وبعيدًا عن المعالم التاريخية، تشتهر براج بمشهد ثقافي غني يضم المسارح الكلاسيكية وقاعات الموسيقى التي تقدم عروضًا يومية، مثل قاعة رودولفينوم التي تُعد مقرًا لأوركسترا براغ الفيلهارمونية. كما تمنح المدينة مساحة كبيرة للفنون الحديثة، عبر المعارض والمتاحف التي تجمع بين الإبداع المحلي والتجارب العالمية.

في الختام، تبقى براغ مدينة لا تُنسى بالنسبة لكل من يزورها، فهي تمثل مزيجًا مثاليًا من التاريخ والخيال والجمال الطبيعي. التجول فيها يشبه عبور صفحات رواية ممتدة، يتنقل فيها الزائر بين الجسور القديمة والقصور والكنائس المتلألئة فوق الربوات. ورغم تطورها المستمر، تحافظ المدينة على هويتها الأصلية التي تجعل كل زيارة تجربة جديدة تحمل مفاجآتها الخاصة. إنها مدينة كتبتها القرون، لكنها لا تزال تُدهش الجميع كل يوم.