لبنان وتحدّي سحب السلاح غير الشرعي في ظلّ عدم فرض السلطة وفقدان هيبة الدولة - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لبنان وتحدّي سحب السلاح غير الشرعي في ظلّ عدم فرض السلطة وفقدان هيبة الدولة - تواصل نيوز, اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025 08:11 صباحاً

تواصل نيوز - عند فتح موضوع لبنان في أي من المحافل العربية والدولية، أول سؤال يطرح هو: هل ستتمكن الحكومة من تنفيذ التزامها حصر السلاح بيد القوى الشرعية وسحبه من "حزب الله" تحديداً؟ الإجابة تمهد الطريق لباقي الأمور الأساسية، وفي طليعتها عودة الاستثمارات ووصول المساعدات لإعادة الإعمار.

 

طبعاً، يسهب المسؤولون اللبنانيون بالإجابة عن هذا السؤال في جلساتهم الخاصة مع القادة والمسؤولين العرب والأجانب، ملخصين جوابهم بأن لا خيار أمام الحزب سوى تسليم السلاح وبأن رئيس الجمهورية العماد جوزف عون منخرط في حوار مع قادة الحزب لتنفيذ ذلك. لكن لا يبدو أن لدى أي منهم تفاصيل عما يجري. 


ويقول بعض الوزراء إن رئيس الجمهورية يحتكر موضوع التفاوض مع الحزب لتسليم سلاحه، وهم يعرفون فقط ما تم إبلاغهم إياه في جلسات مجلس الوزراء مطلع شهر أيار/ مايو الماضي عن تسلم الجيش خمسمئة موقع للحزب جنوب الليطاني وتدمير الأسلحة التي وجدت فيها. وهو إنجاز مهم يسجل للجيش اللبناني. أما في ما يخص شمال الليطاني، فلا يدري أعضاء الحكومة بما يجري فعلاً. ولقد بات رقم خمسمئة موقع محفوراً في أذهان المسؤولين العرب والغربيين من كثرة ما سمعوه في الأسابيع الأخيرة.

 

مشكلة القيادات اللبنانية ستكون في لقاءاتهم المستقبلية مع المسؤولين أنفسهم في الغرب وفي الدول العربية إذا لم يقدموا رقماً جديداً أكبر من خمسمئة موقع للحزب تسلمها الجيش اللبناني. فماذا سيقولون إن لم يكن هناك من جديد؟ 


المشكل في سردية المسؤولين اللبنانيين حول هذا الموضوع أنه لم يكن هناك تسليم طوعي من "حزب الله" لسلاحه، بمعنى أن يكون قادة الحزب هم من بادروا إلى إبلاغ الجيش بمواقع قواعدهم طالبين منه القدوم لتسلمها. بل هذا تم نتيجة المعلومات التي تسلمها الجيش من إسرائيل عبر لجنة المراقبة الخماسية التي شكلت نتيجة اتفاق وقف إطلاق النار. وبالتالي، لم يكشف "حزب الله" حتى اليوم عن أي من مواقعه طوعاً في جنوب الليطاني. لكن، ماذا يحصل شمال الليطاني، وهل ينوي الحزب فعلاً تسليم سلاحه؟ وإن كان ينوي تسليم السلاح فعلاً، فما تعليقه والدولة اللبنانية على تقارير جديدة للسلطات السورية عن توقيف شحنات أسلحة متجهة إلى الحزب في لبنان؟ 


وفي محاولة واضحة لشراء الوقت لسلاح الحزب، فتح موضوع السلاح الفلسطيني داخل المخيمات في لبنان. والتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس لهذه الغاية المسؤولين اللبنانيين. وسُرّب إلى الإعلام برنامج زمني لسحب هذا السلاح بدءاً من 16 حزيران/ يونيو الجاري. لكن زخم الكلام عن سحب السلاح الفلسطيني تلاشى مع الحديث عن "شروط" و"ظروف" وغيرها من المفردات المبهمة، التي تعكس أمراً واحداً: الدولة عاجزة أو غير مستعدة لفرض سلطتها. لكن المشكلة الحقيقية أكبر من ذلك.


مشكلة لبنان أن الجهة التي يسميها الخارج بالسلطات اللبنانية، هي إما عاجزة أو مترددة في فرض سلطتها المستمدة من الدستور والقوانين. ويظهر هذا جلياً على تقاطع الطرق الرئيسية في بيروت والمدن الكبرى، حيث يقف شرطي السير يراقب بعجز أو بلا اكتراث الزحمة الناتجة من عدم احترام معظم السائقين له ولقوانين السير. وهو لا يبادر إلى فرض وجوده لأنه قد يكون هو أو أحد زملائه قد تعرض للضرب ممن قام بتسطير مخالفة بحقهم سابقاً، أو شاهد كيف أن المخالفة أُلغيت من مرؤوسيه بعد تدخل الجهة السياسية الراعية لمن خالف القانون. فعندما تعجز أو ترفض القوى الأمنية فرض سلطتها، تفقد الدولة هيبتها. وفي دولة لا يحترم المواطن فيها الشرطي، هل يمكن لأحد أن يتوقع أن يسلم المسلح الفلسطيني أو من الحزب سلاحه طوعاً؟ 


بمجرد أن تعلن الحكومة في بيانها الوزاري التزامها حصر السلاح بيد القوى الشرعية، يجب أن تعطي التوجيهات للقوى المعنية بتنفيذ ذلك، وهذا ما لم يحصل حتى اليوم. وإذا ما تراجعت الحكومة عما أعلنته سابقاً عن سحب السلاح الفلسطيني، فهي ستظهر للمجتمع الدولي أنها إما عاجزة أو غير جادة في سحب سلاح "حزب الله". على الدولة أن تأخذ خطوات حازمة نحو فرض سلطتها من أجل استعادة هيبتها، ولا يمكنها أن تستمر بالسعي لإنجازات مصدرها الحقيقي الضغوط الخارجية. استعادة الهيبة تبدأ بممارسة فرض السلطة من مكان بسيط مثل تنظيم السير، لتشمل كل شيء وصولاً إلى سحب السلاح غير الشرعي، الفلسطيني واللبناني. 

أخبار ذات صلة

0 تعليق