نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جدل منضبط بشأن "احتكار" مصر للجامعة العربية - تواصل نيوز, اليوم الخميس 12 يونيو 2025 04:37 صباحاً
تواصل نيوز - لا شيء رسمياً صدر من القاهرة أو الرياض يوحي بوجود خلاف أو جدل بشأن خلافة الأمين العام لجامعة الدول العربية. فضحت وسائل الإعلام الاجتماعي في البلدين، والتي لا تنطق عادة عن الهوى، نقاشاً قديماً جديداً يتعلّق، كلما توافرت فرص التناوب، بما يطلق عليه "احتكار" مصر للجامعة كدولة مقر كما منصب الأمين العام فيها.
تولّت مصر هذا "الاحتكار" منذ تأسيس الجامعة عام 1945. امتلكت حينها الهيبة والدور والنفوذ لجعلها أمينة على المقر والأمانة العامة منذ 8 عقود. فقدت مصر هذا "التميّز" بعد إبرامها اتفاق كامب دايفيد عام 1979. غضبت الدول الأعضاء حينها وأقرّت نقل المقر إلى تونس وتعيين التونسي الشاذلي القليبي أميناً عاماً. عاد المقر عام 1990 إلى القاهرة وتولى عصمت عبد المجيد، ثم عمرو موسى، ثم نبيل العربي وأخيراً أحمد أبو الغيط من عام 2016 حتى الآن منصب الأمانة العامة.
لا تشبه الجامعة منظمات أممية وإقليمية أخرى. الأمم المتحدة مقرها نيويورك وأمناء عامون غير أميركيين يتولون أمانتها العامة. ينسحب الأمر على منظمة الوحدة الأفريقية ومقرها في أديس أبابا ومنظمات إقليمية أخرى. كانت للجزائر وقطر والسودان صولات وجولات سابقة في محاولة لكسر الستاتيكو المصري. لكن الأمر كان دائماً نتاج نكد سياسي وراءه خلافات لا يحظى بإجماع الدول الأعضاء ولا يجدونه إلا في مرشح مصر داخل المقر في القاهرة.
أهمية جدل "السوشيل ميديا" الحالي أنه يكشف ضغوطاً خليجية. تنهل المواقف زبدتها من أن الزمن قد تغير كثيراً وتغيّرت معه موازين القوى في المنطقة وأدوار دولها. يشهد العالم العربي "لحظة خليجية" سطرت عنوان كتاب شهير للباحث الإماراتي عبد الخالق عبد الله (لحظة الخليج في التاريخ العربي المعاصر). الأمر يملي وقائع جديدة وجب الاعتراف بها سواء في تحرّك مقرّ الجامعة صوب عاصمة أخرى أو في تولي المنصب شخصية غير مصرية أو الاثنين معاً.
ظهر هذا المنطق لدى كتاب خليجيين، سعوديين خصوصاً. وأحدهم قال يجب إسناد المنصب إلى "أعلام العرب ودهاة السياسة"، وآخر اعتبر أنه حان الوقت لوقف احتكار المنصب وإنهاء هذا "التقليد". جرى أيضاً الترويج لوزير الخارجية السعودي السابق عادل الجبير لمنصب الأمين العام للجامعة في مقابل تسريبات عن ترشيح مصر لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي.
ولئن تغيب المواقف الرسمية تاركة العنان للشطط الإعلامي الاجتماعي، فذلك أن العواصم تبيح فتح النقاش من باب ضرورة إصلاح حال الجامعة وإخراجها من شللها الذي بات بنيوياً. فشلت الجامعة في إيجاد حلول لأزمات ليبيا وسوريا واليمن ولبنان... إلخ، بحيث يتدافع المبعوثون الدوليون من دون أن يكون للجامعة مبعوثوها. ناهيك بأنه رغم حرص الأمانة العامة (المصرية) للجامعة، فإن مواقفها الآنية لطالما كانت تعبيراً عن مواقف السياسة الخارجية لمصر ومواقف وزارة الخارجية في القاهرة.
ولئن من الطبيعي أن يصدر عن إعلام مصر الاجتماعي من يرفض التلميحات المضادة ويطالب بالجامعة مقراً وأميناً عاماً بصفتهما مصلحة عربية وحقّاً من حقوق مصر، فإن أصواتاً تنتمي إلى المشهد البرلماني المصري، وهي غير بعيدة عن مركز القرار في القاهرة، دعت إلى "تفكير هادئ" يعتبر أن تولي السعودية رئاسة جامعة الدول العربية ونقل مقرها إلى الرياض أو أي مدينة سعودية أخرى هو قرار موضوعي ومفيد لسائر الدول العربية.
الجدل يسمح بما هو متاح ومتعذّر وما هو منطقي ومفاجئ. لكن إتاحة الجدل توحي أن مقايضات جدّية قد ترتقي مما هو "آراء حرة" إلى ما هو رسمي جاد. فإذا كان قريبون من قرار القاهرة يطرحون تنازلاً عن مقر الجامعة وأمينها العام، فذلك بداية كلام يستدرج نهايات ستسعى العواصم لإنتاج تسويات له.
0 تعليق