نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تحول أكاديمي في لبنان: الجامعات تواكب الذكاء الاصطناعي - تواصل نيوز, اليوم الجمعة 13 يونيو 2025 07:02 مساءً
تواصل نيوز - ليس السؤال اليوم ما إذا كان على الجامعات أن تدمج الذكاء الاصطناعي، بل كيف تفعل ذلك من دون أن تفقد هويتها. في لحظة تاريخية يُعاد فيها تعريف "المعرفة" و"التعلّم"، تتحوّل الجامعات اللبنانية إلى مساحات اختبارية لمفاهيم تعليمية جديدة، تتداخل فيها التكنولوجيا مع التربية، والخوارزمية مع النقد، والابتكار مع الواقع اللبناني المأزوم.
في أيار/مايو 2025، وأثناء لقاء نظّمه مكتب خريجي الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) في بيروت، أعلن وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، كمال شحادة، عن استراتيجية وطنية تحمل عنوان LEAP، تهدف إلى إعادة هيكلة الدولة من خلال الذكاء الاصطناعي، وجعل الجامعات حجر الزاوية في هذا التحول. وتهدف الاستراتيجية إلى بلوغ لبنان مرتبة متقدّمة ضمن التصنيفات العالمية للجاهزية الرقمية، من خلال رقمنة الخدمات، تحديث المناهج، وبناء كادر أكاديمي وتقني متمرّس.
الجامعة كمنصة تحوّل لا تلقين
في سياق متّصل، شكّلت الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) منبراً حيوياً للنقاش حول علاقة الذكاء الاصطناعي بالتعليم، من خلال سلسلة ندوات حوارية عُقدت في آذار/مارس 2025 تحت عنوان: "هل الذكاء الاصطناعي أداة أم تهديد؟". وقد طُرحت تساؤلات حول مستقبل التعلّم، وحدود الاعتماد على تقنيات التوليد الذكي، وأثر ذلك في نزاهة العملية التعليمية والمحتوى العلمي.
أما الجامعة اللبنانية، فبدأت تتلمّس طريقها نحو دمج الذكاء الاصطناعي من خلال برامج إرشادية وورش أكاديمية تهدف إلى رفع الوعي بالإمكانات التربوية لهذه التقنيات. وفي هذا الإطار، أعلنت في كانون الثاني/يناير 2025 عن فوزها بالمركزين الأول والثاني عن فئة "أفضل بحث علمي" في مؤتمر افتراضي حول الذكاء الاصطناعي نُظم في آذار/مارس 2024. لكن هذا الحدث أثار بعض الجدل في الأوساط الأكاديمية بشأن شفافية الجوائز وطبيعة الجهة المنظمة، وسط غياب تفاصيل الأبحاث الفائزة ولجان التحكيم. رغم ذلك، رأت الجامعة في هذه المشارَكة فرصة لتعزيز حضورها في هذا المجال العلمي المتسارع.
وزير المهجرين ووزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كمال شحادة
رؤية تحليلية من الميدان التربوي
وكانت "النهار" قد أجرت مقابلة مع الدكتور نزار المهتار، الأستاذ المساعد في قسم التربية بجامعة هايكازيان، قدّم فيها مقاربة معمّقة لدور الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل المناهج. يرى المهتار أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة مساعدة، بل "قوة تربوية تحوّلية" تعيد تعريف العلاقة بين الطالب والمعرفة، وتفرض على المعلّمين الانتقال من دور الناقل إلى دور المصمّم والميسّر. ويضيف أن "المشهد التعليمي المتطوّر يتطلب دمجاً مرناً ومدروساً للذكاء الاصطناعي في بنية المناهج، مع الحفاظ على جوهر العمل التربويّ الذي يركّز على التفكير النقديّ والتفاعل الإنساني".
استراتيجيات وطنية ومسارات تشاركية
في موازاة الجهد الجامعي، احتضنت وزارة التربية بالتعاون مع اليونسكو طاولة حوار في كانون الثاني/يناير 2025 ناقشت إعداد استراتيجية رقمية شاملة، كان الذكاء الاصطناعي أحد أعمدتها الأساسية، وركّزت النقاشات على قضايا الخصوصية، والتكافؤ، والحوكمة الأخلاقية للتقنيات في السياق التعليمي اللبناني.
الجامعة الأميركية: نحو تأسيس مدرسة المستقبل
وفي إعلان يحمل دلالات استراتيجية، كشفت الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) في حزيران/يونيو 2025 عن إطلاق مشروع كلية لعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي، تُفتتح في 2026. هذه المبادرة تدخل في صلب رؤية الجامعة 2030، وتستهدف إعداد نخبة قادرة على قيادة التحوّل الرقمي في القطاعات الإنتاجية والإدارية والتعليمية.
المعرفة كأفق لا كمنهاج
في ضوء هذه المبادرات المتقاربة، يبدو أن الجامعات اللبنانية قد بدأت فعلياً في التأسيس لنموذج تعليمي جديد، لا يقتصر على مواكبة الأدوات، بل يسعى لإعادة تعريف الوظيفة التربوية في عصر الذكاء الاصطناعي. لكن هذا المسار – وإن كان واعداً – لا يمكن أن يكتمل من دون التزام وطني فعلي، يرصد الموارد، ويبني قدرات المعلمين، ويضمن أن تبقى المعرفة هدفًا لا خادماً للتقنية فقط.
0 تعليق