نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ماراثون الرئاسات في العراق: استحقاق وتحديات - تواصل نيوز, اليوم الخميس 27 نوفمبر 2025 08:13 مساءً
أمير الدعمي*
ما أن وضعت الحملات الانتخابية أوزارها وأسدل الستار على الانتخابات العراقية الأكثر جدلاً في ظل ظروف حساسة تمر بها المنطقة عموماً والعراق خصوصاً، مع تهديدات الشرق الأوسط الجديد، حتى دخلنا دوامة الأزمات الرئاسية الثلاث، وهي المعتادة في كل دورة انتخابية في ظل الصراعات والانقسامات التي تعيشها المكونات السياسية بسنتها وشيعيتها وكردها!
وقد يبدو أن المشكلة الأكبر اختيار رئيس الحكومة، بينما مشكلة اختيار رئيس الجمهورية هي المعضلة في ظل صراع القوى الكردية الفائزة بالانتخابات والمتمثلة باليكتي (حزب الاتحاد الوطني الكردستاني) والبارتي (الحزب الديموقراطي الكردستاني). فبينما يرى اليكتي استحقاقه بمنصب رئيس الجمهورية يرى البارتي الاستحقاق نفسه في ظل ما ناله من أصوات انتخابية تجاوزت المليون، وقد دخل على الخط طموح القوة السنية المتمثل بحزب "تقدم" الذي حصل على 34 مقعداً، والذي يرى في منصب رئيس الجمهورية استحقاقاً عربياً سنياً، عطفاً على الصراع الكردي في استحقاق رئيس الجمهورية.
وما يعزز هذا الصراع هو عجز القوة الكردية عن تشكيل حكومة الإقليم رغم مضي سنة على إجراء الانتخابات، في ظل صراع لا ينتهى بشأن الاستحقاقات الكردية المتمثلة بالحزبين الرئيسيين! وبالتالي فإن منصب رئيس الحكومة العراقية لن يرى النور دون حسم منصب رئيس الجمهورية الذي لا يقل تعقيداً عن اختيار رئيس الحكومة، رغم أن هناك صراعاً سنياً - سنياً يتمثل في اختيار الزعامة التي ستمثل المكوّن في رئاسة البرلمان. فحزب "تقدم" يصر على استحقاقه الانتخابي بترشيح محمد الحلبوسي الذي يعتقد البعض أن هناك إشكالية في المصادقة على اسمه بخصوص ما صدر من المحكمة الاتحادية سابقاً بإسقاط عضويته، وقد يثار هذا الموضوع لاحقاً في ظل التكهنات بشأن علوية قرارات المحكمة الاتحادية على القرارات الأخرى، رغم حسم القضاء هذا الملف وتبرئته من مسألة التزوير.
ويبقى ملف اختيار رئيس الحكومة في ظل شروط الإطار التي وضعها، وهي مسألة لا تقل تعقيداً عن اختيار رئيس الجمهورية، ولا يزال الحديث مبكراً بشأن حسم هذا الاختيار في ظل صراع لم ينته بشأن من سيقع عليه الاختيار.
ورغم أن الإطار حسم مسألة الولاية الثانية لمحمد شياع السوداني بطيّ صفحتها، لكن لا تزال مسألة اختيار رئيس للحكومة أكثر تعقيداً، فالإطار ينظر إلى المنصب على أنه استحقاق كتل وأحزاب مؤتلفة يجب أن تأتي برئيس حكومة تابع لها ومنفذ لأوامرها ورغباتها. وقد تكون الحكومة المقبلة ذات تأثير إيراني محدود في ظل انشغال الجارة بتحدياتها المقبلة والمرتقبة وفي مقابل رقابة أميركية للحد من التدخلات الإيرانية... أما أميركا فلا يعنيها كثيراً من سيكون لأنها تتعامل مع أي شخصية وفق ما تريد، مع تحفظات بسيطة بأن لا يكون ذا خلفية إيرانية بحتة.
لذلك أرى أن الإطار أمام اختبار يتطلب الحكمة ورجاحة العقل في ظل تحديات داخلية متمثلة بالتيارات المدنية التي أوجدت "تشرين" في عام 2019، والتيار الصدري الذي هدد على لسان زعيمه السيد مقتدى الصدر بأن سكوته لن يطول.
لذلك على الإطار أن يختار شخصية ذات مقبولية دولية وإقليمية شرقاً وغرباً، ويمكنها تجيير علاقاتها بما يخدم مصالح العراق ومد الجسور بجعل العراق ملتقى وليس ساحة صراع وتبعية، وأن يكون الاختيار عربون حسن نية للتيار الصدري الذي يشعر بالغبن والخذلان من حلفاء الأمس.
أعتقد أن خيار رئيس حكومة منقذ في ظل ظروف إقليمية ودولية مقبلة ومهددة لا يقل أهمية عن اختيار مصطفى الكاظمي كمنقذ للنظام السياسي بعد أحداث تشرين، والتي على أساسها أعاد الثقة للمواطن بالعملية السياسية في ظروف صعبة أشبه بالمستحيلة.
*كاتب وخبير قانوني عراقي











0 تعليق