نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بري حكيم الشراكة... في "جمهورية مأزومة" - تواصل نيوز, اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 01:42 مساءً
عبدالله ناصرالدين
في زمنٍ تتنازع فيه الانقسامات الطائفية والسياسية موقع القرار، ويتحول الاستحقاق الانتخابي معركة وجود لا مجرد تنافس ديمقوقراطي، يبرز الرئيس نبيه بري كواحد من القلائل الذين فهموا جوهر لبنان: بلد لا يُحكم إلا بالتوازن، ولا يُحمى إلا بالشراكة.
من موقعه كرئيس لمجلس النواب، ورئيس لحركة "أمل"، يخوض محطات سياسية مفصلية، لم يكن آخرها موقفه الوطني في الانتخابات البلدية الأخيرة. ففي وقتٍ فضّل فيه البعض رفع الشعارات الطائفية لتعزيز الحضور السياسي، اتخذ بري قراراً وطنياً جريئاً: المشاركة الكاملة للطوائف كافة في البلدات المختلطة، حتى ولو جاء ذلك على حساب تعزيز التمثيل الشيعي. رؤية بري لم تكن انتخابية، بل ميثاقية، انطلقت من اقتناعات راسخة بأن "الانتصار بلا شراكة هزيمة وطنية".
وهذا ما ترجمه في بلدية بيروت، فقد أدار الملف الانتخابي بكثير من الدقة والهدوء، ليولد مجلس قائم على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، مع مراعاة التوازن الدقيق للطائفة السنية، رغم تدنّي نسبة اقتراعها. فعل ذلك دون أن يسعى لتهليل إعلامي، مؤمنًا أن الحكمة لا تحتاج إلى ضوء كاشف بل إلى أثر.
وإذا كانت نتائج انتخابات نقابة المحامين قد أثارت جدلاً بعد غياب شبه كامل للتمثيل الإسلامي (ما عدا العضو الدرزي الاستاذ نديم حمادة)، فلم يُسجّل لبري أي تعليق ناري واتصل بالنقيب المنتخب عماد مرتينوس وهنأه وبري ابن هذه النقابة منذ أكثر من نصف قرن.

اكتفى بالصمت حيال انتخابات المحامين، كمن يضع شركاء الوطن أمام مرآة ضميرهم الوطني، مستحضؤاً روح اتفاق الطائف التي نصّت على المشاركة الحقيقية، لا الشكلية.
ليس جديداً على بري أن يكون في موقع الحارس للميثاق الوطني، والداعم الأول لفكرة الدولة الجامعة. فمنذ سنوات الحرب، وصولاً إلى مفاوضات ترسيم الحدود، كان رجل اللحظات الدقيقة، وعرّاب التسويات التي حالت دون سقوط البلاد في المحظور.
وبين كل تلك المحطات، لم يغفل بري عن دور الحركة التي أسسها. فقيادة حركة "أمل" كانت أول المبادرين إلى تشكيل الماكينات الانتخابية باكرًا لاستحقاق 2026، تأكيداً على الاستعداد لخوض معركة ديموقراطية بأدوات مدنية ومشروعة، تُعيد الاعتبار إلى صناديق الاقتراع لا إلى صناديق البريد السياسي.
في جمهورية تتآكلها الأزمات، يبقى نبيه بري علامة فارقة في المشهد: رجل دولة يكتب بتأنٍ فصلاً جديداً من فصول السياسة اللبنانية، عنوانه… الحكمة أولاً والشراكة دائماً.










0 تعليق