نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"بيروت ترنّم": موسيقى تتجاوز الزمن وتجمع اللبنانيين على أمل واحد - تواصل نيوز, اليوم الاثنين 1 ديسمبر 2025 11:14 صباحاً
كلّ يوم تفاجئني مدينتي بيروت أكثر بحبّها العميق للحياة. مدينةٌ مهما عصفت بها الأزمات، تبقى واقفة وثابتة، وفيها الفرح حاضر لا يغيب. تظلّ تتوهّج بألوانها، بموسيقاها، وبمهرجاناتها… من زينة الميلاد إلى شجرة العيد، كلّ تفصيل يحاول أن يعيد للناس نبضهم.
يأتي مهرجان "بيروت ترنّم" ليضيف طبقة جديدة من البهجة إلى رزنامة الفرح المنتظرة. فبعد ثمانية عشر عاماً، أصبح مشروعاً يكبر مع المدينة، يمنحها الفرح، ولا توقفه الظروف، بل تزيده إصراراً وحياة.
كنتُ حاضرة في قلب الحدث، في كنيسة القديس يوسف في شارع مونو. المكان يعجّ بالحياة: حضور مبهج، أضواء جاهزة، موسيقى تتأهّب، وفرقة تستعدّ بكل شغف. حتى قبل بدء الحفل، كانت أصوات الأوركسترا تملأ القاعة بقيادة الأب توفيق معتوق، والجوقات الجامعية التي منحت الأمسية طابعاً خاصاً: جوقتا جامعة الروح القدس - الكسليك وجامعة سيدة اللويزة بقيادة الأب خليل رحمة، إلى جانب نخبة من الأصوات العالمية القادمة من إسبانيا وبولندا وفرنسا وإيطاليا وسويسرا، وأصوات لبنانية نفخر بها.
كلّ هذا يلتقي في جوهر واحد: موسيقى تتجاوز الزمن، وكأن المدينة، في تلك اللحظة، تتنفّس موسيقى وسلاماً. وتزداد الرمزية هذا العام مع زيارة البابا لاوون الرابع عشر، حيث بدت الاستعدادات واضحة وصورٌ تملأ الطرقات تحمل كلمة واحدة تختصر ما يحتاج إليه لبنان اليوم: "السلام".
لم يغب عن هذا المشهد الاحتفالي حضور رئيس الحكومة نواف سلام، الذي شكر "بيروت ترنّم"، قائلاً لـ"النهار" إنّ المبادرة "عوّدتنا في كل موسم أعياد أن تجلب الفرح لقلب بيروت"، ومتمنّياً "أن نرى ازدهاراً أكبر في المدينة، لكن في الحقيقة مهما كان فرح بيروت كبيراً اليوم فإنه لا يكتمل إلا إذا شمل لبنان من أقصى جنوبه إلى أقصى شماله".
رئيس الحكومة نواف سلام. (النهار)
ومن أوائل الحاضرين وزيرة السياحة لورا لحود، التي قالت لـ"النهار": "أنا أحبّ الموسيقى الكلاسيكية، وأشكر بيروت ترنّم على هذا المهرجان الذي يفرح القلب. الشغل حلو، خاصة مع تزامن وصول قداسة البابا. سنصلّي أن يكون كل شيء بخير وللبنان. اللبنانيون يليق بهم العيش، وهم أهل لذلك. يجب دائماً أن نقدّم أجمل صورة للوطن، ولبنان يستأهل ذلك".
أما ميشلين أبي سمرا، مؤسسة "بيروت ترنّم"، فبدت فرحتها واضحة، وقالت لـ"النهار" بتأثر: "لدينا فرصة تاريخية لنُري العالم أنه مهما بلغ الألم والخسارات والأشياء التي تفرّق، ما زلنا نُقدّم الصورة الحقيقية للبنان".
مؤسِّسة “بيروت ترنّم“ ميشلين أبي سمرا. (النهار)
وتابعت: "نحن قادرون على أن نكون بركة ووحدة ومحبة وأملاً. الموسيقى في الكنيسة تعيد السلام للنفس. عنوان زيارة قداسة البابا هو: طوبى لفاعلي السلام. هو يدعونا للسلام ويحفّزنا أن نعمل على أنفسنا، بالموسيقى وبكل ما يجمعنا، حتى نفهم أنه عندما نتوحّد نستطيع أن نبني البلد".
انطلقت أنغام كاميي سان-سانس في "أوراتوريو الميلاد" كالصلوات. ارتفع صوت فاني سوَييه السوپرانو صافياً، ليلحق به دفء الميتزو-سوپرانو روزا بوفي وعمق غريس مداور بآلتوها الحنون. ومع دخول جان ميانيه بالتينور الرفيع وامتداد صوت ماريو طحطوح الباس-باريتون، تشكّلت هالةٌ صوتية تحوّل المستمع إلى شاهد على لحظة ميلادٍ روحية جديدة.
جانب من حفل “بيروت ترنم“. (النهار)
ثمّ جاء دور موزار؛ وفي "داوود التائب" (Davide Penitente) أدّت آنا ماريا لابين مقاطعها السوپرانية بثقة، فيما حافظت روزا بوفي على لونها الصوتي الدافئ، ليُكمل جان ميانيه بخطّه التينوريّ الواضح النسيج الذي أراده موزار: نبرة من الرجاء، ووقفة خشوع، وانحناءة روحية أمام جمال الفن.











0 تعليق