التحوّل ضرورة كم نحتاج إليها - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التحوّل ضرورة كم نحتاج إليها - تواصل نيوز, اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 03:11 مساءً

بقلم  د. أنطوان سعد،  محامٍ وأستاذ جامعي وباحث في الشؤون الكنسية

البابا لاوون، في زيارته للبنان، يجدّد مع شعبه فعل إيمانهم بدورهم الأصيل، ويسير معهم في هذا الزمن السينودسي، في رحلتهم المستمرة نحو السلام الدائم، القائم على الحقيقة والعدالة، والمحصّن بالسيادة والحرّية، بعيداً عن المحاور، والمكلّل بالقيم التي استقوها من تعاليمهم السماوية؛ ولعل ممارسة تلك القيَم التي رسّختها تقاليدهم المجتمعية النبيلة، ونضالاتهم السامية، تتطلب، من حين إلى آخر، صيانة أو إعادة تأهيل، كي تركّز فيهم، من جديد، معنى الانتماء، وقيمة الوحدة، وأهمية الصمود وسط الضيقات، وتعزّز في نفوسهم فضائل المحبّة والتضامن، والتطلع معاً نحو وطن سيّد، واحد، ضابط الكل.

 

 

هذا الوطن الذي ارتضاه أهله بيتاً يجمعهم، وحصناً لوحدتهم، وعريناً لكرامتهم، ومنطلقاً لتطلعاتهم، لن يرتضوا له يوماً – أنّى كانت ظروفهم أو ظروفه – أن يكون جدراناً بلا سقف، متروكاً لعصف الرياح، أو جريحاً نازفاً على "طريق أريحا"، ينتظر "سامرياً صالحاً" يتولّى أمره، إذ إن فيه قوة ذاتية فاعلة، ووزنات كثيرة، آن لنا، ولدولتنا، ولكنيستنا، أن نعمل كلنا على تثميرها وتطويرها... 

 

نقرأ في زيارة الحبر الأعظم – المختلفة، في جوهرها و"نقاوتها" وأبعادها عن زيارات سائر الموفدين، بحيث إنها "تحمل إلينا سلاماً لا كما يعطيه العالم" (يو ١٤-٢٧) – علامة جديدة من "علامات الأزمنة" التي وضعها الربّ أمام شعبنا، ودعوة إلى وقفة روحية ووجدانية، وإلى إعادة قراءة نقدية ومسؤولة، نثمّن فيها غنى الرسالة المسلّمة إلينا، ونصغي إلى صوت الربّ أن "اذهبوا إلى العمق"، حيث الجوهر الذي عنه تبحثون، وما أحوجنا إلى ذلك في زمن تكاثرت فيه القشور، وبتنا أسرى التفاصيل المسطّحة، والهوامش الهشّة.

إن في مواقف البابا المرتقبة توجيهات تكمّل "الرجاء الجديد للبنان"، وتؤكّد دور لبنان "الشركة والشهادة"، وحاجته الوجودية في المنطقة والعالم؛ ولعلّ قداسته يعيد رسم خريطة طريق وضع ملامحها قبله سلفاه، يوحنا بولس وبندكتوس، وأكدها سلفه المباشر فرنسيس، الذي يشارك من عليائه في زيارة شوق تاقت إليها نفسه...

 

يبقى أن في زيارة الحبر الأعظم للبنان، الصافية والمتجردة، دعوةً لنا متجدّدة، تتخطّى مظاهر الترحيب وكلمات الإطراء، وتلحّ علينا كي نبادر ونُقدم، وفي البال قول من رسالة يعقوب "إن الكلام بدون أعمال باطل" (٢-٢٠)، ذلك أن في الفعل والتفاعل تحقيقاً لرسولية الزيارة، ومساهمة جديّة في بلوغها المرامي المنشودة؛ وقد تكون من الفرص النادرة لانتقالنا ووطننا وكنيستنا من الانتظار إلى الحقيقة، ومن المعاناة إلى التعافي...


 إن التحوّل ضرورة كم نحتاج إليها، وإن لم يكن لنا غداة الزيارة يومٌ جديد، فقد لا يكون لنا أيام جديدة أخرى.

          
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق