لماذا يُعدّ البرق أكثر حرارة من الشمس؟ السر العلمي وراء الظاهرة المذهلة - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لماذا يُعدّ البرق أكثر حرارة من الشمس؟ السر العلمي وراء الظاهرة المذهلة - تواصل نيوز, اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025 04:12 صباحاً

تواصل نيوز - يُعدّ البرق واحداً من أعظم الظواهر الطبيعية التي تثير الدهشة وتستحوذ على اهتمام العلماء والباحثين منذ قرون، ليس فقط بسبب مظهره المهيب وصوته المدوّي، بل أيضاً لما يحمله من خصائص فيزيائية تتجاوز حدود التوقع. من أبرز هذه الخصائص أنّ حرارة البرق يمكن أن تتخطى حرارة سطح الشمس بخمس مرات، وهي حقيقة علمية مسجّلة أثبتتها الدراسات والقياسات الحديثة. يطرح هذا الرقم المدهش سؤالاً جوهرياً: كيف يمكن لوميضٍ يستمر لثوانٍ معدودة أن يصل إلى درجة حرارة تتجاوز حرارة نجم عملاق مثل الشمس؟

حرارة البرق

يبدأ فهم هذه الخصوصية من طبيعة تكوّن البرق نفسه. يتشكّل البرق نتيجة تفريغ كهربائي هائل يحدث بين الغيوم أو بينها وبين سطح الأرض عندما تتراكم الشحنات الكهربائية بشكل يفوق قدرة الهواء على عزلها. وعندما ينهار هذا العزل، يفتح المجال أمام تيار كهربائي خارق يشق طريقه بسرعة مذهلة، مولداً مساراً مضيئاً من البلازما ذات درجة الحرارة الهائلة. في اللحظة التي يمر فيها هذا التيار، ترتفع حرارة الهواء المحيط إلى حوالي 30000 درجة مئوية، بينما لا تتجاوز حرارة سطح الشمس 6000 درجة مئوية تقريباً. من هنا تأتي حقيقة تفوق حرارة البرق بخمس مرات.

يعود السر في هذه الحرارة الشديدة إلى انتقال الطاقة المركّز في مساحة ضيقة جداً ووقت قصير للغاية. فالبرق ليس كتلة مادية مستمرة كالسطح الشمسي، بل هو نبضة كهربائية مكثّفة تشبه الانفجار الطاقي السريع. تتسبب هذه الطاقة في تمدد الهواء الفوري حول القناة البرقية، ما يؤدي بدوره إلى حدوث موجة صادمة تُسمع في هيئة صوت الرعد المعروف. ولأن هذا التسخين يحدث في أجزاء من الثانية، فهو لا يترك أثراً طويل الأمد على الجو كما تفعل حرارة الشمس الدائمة والمستمرة.

الحرارة الحقيقية للبرق

ومن المثير أيضاً أنّ الحرارة الحقيقية للبرق لا تُرى مباشرة. فرغم شدة إضاءته، ما نراه هو الضوء المنبعث من تأيّن الهواء وتحوله إلى بلازما، بينما تبقى درجة الحرارة نفسها محصورة في القناة البرقية الضيقة للغاية. ولهذا السبب لا تسبب ضربة البرق تسخيناً عاماً للغلاف الجوي، بل تترك آثاراً موضعية مثل احتراق الأشجار أو انصهار الرمال لتتحول إلى زجاج طبيعي يُسمّى "الفولغوريت".

وتسهم سرعة البرق المذهلة في تعزيز هذه الحرارة. إذ يمكن أن تبلغ سرعة القناة البرقية ما يصل إلى ثلث سرعة الضوء، وهو ما يفسّر انتقال الطاقة الخارق في مساحة صغيرة جداً. إضافةً إلى ذلك، يمر داخل البرق تيار كهربائي قد يصل إلى 300 ألف أمبير، وهي قيمة مهولة مقارنة بالتيار المستخدم داخل المنازل والذي لا يتجاوز عشرات الأمبيرات.

البرق كقوة طبيعية خارقة

وتتجلى هذه القدرة الحرارية الهائلة أيضاً في الجانب العلمي المفيد؛ فقد ساعدت دراسة البرق في فهم البلازما، وعمليات التأيّن، وسلوك الكهرباء في الهواء، مما انعكس على تطوير العديد من التقنيات الحديثة. كما يعتمد العلماء على مراقبة البرق لتحليل التغيرات المناخية، وتوقع أنماط العواصف، ودراسة مكوّنات الغلاف الجوي.

في النهاية، يظهر البرق كقوة طبيعية خارقة تجمع بين الجمال والخطر، وتبرهن قدرة الطبيعة على إنتاج طاقة تفوق حرارة النجوم في لحظة خاطفة. وعلى الرغم من قصر عمره، يظل البرق ظاهرة مذهلة تدفع الإنسان إلى التأمل في اتساع قوانين الكون ودقّة تفاعلاته الخفية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق