لماذا تسقط الريشة والحديد بنفس السرعة في الفراغ؟ الحقيقة العلمية وراء سقوط الأجسام - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لماذا تسقط الريشة والحديد بنفس السرعة في الفراغ؟ الحقيقة العلمية وراء سقوط الأجسام - تواصل نيوز, اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025 04:12 صباحاً

تواصل نيوز - تُعدّ ظاهرة سقوط الأجسام من المواضيع التي حيّرت العلماء على مدى قرون طويلة، إذ بدا من البديهي أن الأشياء الثقيلة تسقط أسرع من الأشياء الخفيفة. فالحديد يسقط أسرع من الريشة، والصخرة تهوي أسرع من ورقة الشجر. لكن هذا المشهد الطبيعي الذي نعاينه يومياً يخفي حقيقة علمية مدهشة: عندما تنعدم مقاومة الهواء تماماً، فإن الريشة والحديد يسقطان بنفس السرعة، وتصلان إلى الأرض في الوقت نفسه. تبدو الفكرة غريبة للوهلة الأولى، لكنها تمثل واحدة من أهم القوانين التي أسست لفهم الفيزياء الحديثة.

سقوط الأجسام

تعود جذور هذه الحقيقة إلى الفيزيائي الإيطالي غاليليو غاليلي (Galileo Galilei) الذي تحدّى الاعتقاد السائد في زمنه القائل بأن الأجسام الأثقل تسقط أسرع من الأجسام الأخف. اقترح غاليليو أن جميع الأجسام تتسارع نحو الأرض بالمعدل نفسه، وأن الفارق الذي نراه في الواقع ناتج عن مقاومة الهواء وليس بسبب الوزن. لم يستطع غاليليو في عصره إثبات ذلك بشكل كامل لأن الفراغ لم يكن متاحاً، لكنه مهّد الطريق لنظرية أعمق جاءت لاحقاً على يد إسحاق نيوتن (Isaac Newton) بقانون الجاذبية.

لفهم السبب وراء سقوط الريشة والحديد بالمعدل نفسه في الفراغ، يجب أن نعود إلى مبدأ أساسي في الفيزياء: التسارع الناتج عن الجاذبية ثابت لجميع الأجسام على سطح الأرض، ويبلغ حوالي 9.8 متر في الثانية². هذا يعني أن الأرض تجذب جميع الأجسام بنفس القوة النسبية بغض النظر عن كتلتها، كما أنّ الأجسام تكتسب السرعة بالمعدل ذاته أثناء السقوط الحر.

لكن لماذا تبدو الريشة في الواقع أبطأ بكثير من الحديد؟ الجواب يكمن في عنصر غير مرئي لكنه مؤثر جداً: الهواء. فالريشة تمتلك مساحة سطح كبيرة مقارنةً بكتلتها الصغيرة، مما يجعل الهواء يقاوم سقوطها بقوة كبيرة ويبطئ حركتها. وعلى العكس، يمر الحديد خلال الهواء بسهولة أكبر بسبب وزنه الكبير وشكله الصلب الذي لا يتيح مقاومة كبيرة. لذلك تسقط الأجسام الثقيلة أسرع في حياتنا اليومية، لكن هذا ليس نتيجة الجاذبية، بل بسبب الاحتكاك الهوائي.

ظاهرة سقوط الأجسام

لإثبات هذه الفكرة بشكل قاطع، نفّذ العلماء تجربة في غاية الجمال داخل أكبر غرفة تفريغ هوائي في العالم. ففي العام 2014، قامت وكالة الفضاء البريطانية بعرض تجربة داخل قاعة ضخمة أزيل منها الهواء تماماً. سُمح لريشة وكرة حديد بالسقوط من الارتفاع نفسه، فتفاجأ المشاهدون حين هبط الجسمان معاً في اللحظة نفسها، دون أي فرق زمني. هذه التجربة البصرية كانت الدليل الأكبر على صحة ما تنبأ به غاليليو قبل مئات السنين.

ويكشف هذا الاكتشاف عن جانب مهم في فهم قوانين الكون. فالجاذبية لا تميّز بين الأجسام حسب وزنها، كما أن الكواكب والأقمار وغيرها من الأجرام تتحرك وفق قواعد موحدة. ولذلك يمكن لرواد الفضاء مشاركة هذه الفكرة بطريقة ممتعة، فداخل محطات الفضاء حيث تنعدم الجاذبية تقريباً، تبدو الأشياء جميعها طافية بلا وزن.

تتعدّى أهمية هذا المفهوم الجانب العلمي إلى التطبيقات العملية. فعند تصميم المظلات أو المركبات الفضائية أو الطائرات بدون طيار، يأخذ المهندسون في الاعتبار تأثير مقاومة الهواء، وهو العامل الحقيقي الذي يتحكم بسرعة السقوط. كما يسهم هذا المفهوم في فهم حركة النيازك ودخول المركبات الفضائية للغلاف الجوي وسرعة احتراقها بسبب الاحتكاك.

وهكذا، يعلّمنا سقوط الريشة والحديد في الفراغ درساً عميقاً: ليست الأمور دائماً كما تبدو، فالعين قد تخدعنا، بينما قوانين الطبيعة تعمل بدقة مذهلة لا تتأثر بما نراه على السطح.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق