نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
نقل العاصمة في إيران: ضرورة ملحّة تعرقلها شبكة مصالح سياسية واقتصادية - تواصل نيوز, اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025 05:12 صباحاً
تواصل نيوز - أثارت التصريحات المتكرّرة للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان حول الأزمات الواسعة في طهران وضرورة نقل العاصمة تساؤلات لدى الجمهور: هل تنوي الحكومة فعلاً تنفيذ هذا المشروع؟ أم أن المقصود هو فقط احتواء تفاقم مشكلات العاصمة؟
منذ عقود يُطرح بين الحين والآخر موضوع نقل العاصمة، لكنه غالباً ما تعود الفكرة وتنحسر من التداول. نتيجة ذلك أن طهران اليوم، بحسب مؤشر جودة الحياة، تحتل المرتبة 264 من أصل 266 مدينة عالمية، وهو دليل على تردّي وضع العاصمة.
أزمة المياه والتضخّم… وما يهدّد الاستقرار الاجتماعي
وشهد العام الحالي انخفاضاً في مخزون خمسة سدود رئيسية توفّر المياه لنحو 15 مليون شخص، الأمر الذي زاد من قلق السلطات من آثار التركّز السكاني الضخم في العاصمة. إلى جانب التضخّم وارتفاع الأسعار، بما في ذلك احتمال ارتفاع سعر البنزين، ما قد يؤدي إلى موجات احتجاج اجتماعي.
إيرانيون على دراجات نارية في طهران.(أف ب)
في عام 1978، قبل الثورة بسنة، كان عدد سكان طهران خمسة ملايين، لكنه تضاعف ثلاث مرات خلال 45 عاماً، من دون أن تتطور البنى التحتية بما يتناسب مع هذا التوسع. وشكلت الهجرة الواسعة من المحافظات الأخرى خلال العقود الخمسة الماضية العامل الأكبر في تشكّل الوضع الحالي.
وتشير الدراسات إلى أبرز مشكلات طهران هي:
1) الازدحام المروري المتزايد:
يسبب الازدحام خسائر بشرية ومادية كبيرة؛ إذ تسجّل أسبوعياً وفاة 10 أشخاص تقريباً بسبب حوادث السير في طهران، وتُقدّر الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الازدحام المروري بنحو 70 مليون دولار سنوياً.
2) عجز وسائل النقل العام:
تبلغ القدرة القصوى للمترو والحافلات وسيارات الأجرة حوالى 3 ملايين راكب يومياً، في حين يسكن طهران نحو 15 مليون شخص. هذا النقص يدفع السكان إلى الاعتماد على السيارات الخاصة والدراجات النارية، ما يزيد من الفوضى المرورية ويجعل وضع العاصمة مشابهاً لنيودلهي.
3) تلوّث الهواء الدائم:
يموت سنوياً نحو 7000 شخص نتيجة تلوث الهواء الذي يُكبّد الاقتصاد خسائر تقدَّر بثلاثة مليارات دولار. ولا يتجاوز عدد الأيام ذات الهواء النقي في السنة 5 أو 10 أيام فقط.
4) المشكلات الاجتماعية:
تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن 80% من المشكلات الاجتماعية في إيران، من الفقر، إلى عدم المساواة، والإدمان، والسكن الهامشي، والسرقة، والعنف، والانتحار، تتركز في طهران.
السياسات المركزية… السبب التاريخي للأزمة
على رغم أن طهران تشغل أقل من 1% من مساحة إيران، فإنها تضم نحو 20% من سكان البلاد. ويرجع ذلك إلى السياسات المركزية المتّبعة قبل الثورة وبعدها، والتي أدت إلى تركّز الاستثمارات والفرص الاقتصادية فيها، حتى أصبح 21% من ثروة البلاد متمركزاً في العاصمة، وهو ما يعادل ثروات 18 محافظة أخرى مجتمعة.
وقد أدى ذلك إلى موجات هجرة داخلية واسعة، وزيادة الفوارق الطبقية، واحتدام المنافسة الاقتصادية، وظهور مناطق السكن الهامشي. فمدينة قدرتها الطبيعية لا تتجاوز 2.5 مليون شخص باتت تضم 15 مليوناً.
نقل العاصمة: بين الخطاب السياسي وغياب الإرادة التنفيذية
غالباً ما تخلو التصريحات الحكومية من أي خطة فعلية أو مصوّبة، وتُستخدم فقط لإظهار التعاطف مع سكان العاصمة والوعي بمشكلاتها، من دون أي خطوات تنفيذية جديّة.
وعلى رغم نجاح تجارب دول عدة، مثل أوستراليا، ماليزيا، البرازيل، باكستان، ألمانيا، تركيا وكندا، بنقل عواصمها، فإن العائق الأكبر في إيران يظل شبكة المصالح السياسية والاقتصادية التي تستفيد من الوضع القائم.
شبكات المصالح والعقبات الاقتصادية
قد يكون نقل العاصمة مكلفاً، لكنه قابل للتنفيذ تدريجاً. إلا أن النفوذ الاقتصادي لملاك العقارات الضخمة، والمجمّعات التجارية والإدارية، وسماسرة سوق السيارات، وبعض الشركات الخدمية الكبرى، يجعلهم يقاومون أي تغيير جذري قد يضر بمصالحهم.
كذلك يشكل غياب الاستثمارات الأجنبية بسبب العقوبات الدولية عقبة كبرى أمام إصلاح البنى التحتية في طهران، ولا توجد حالياً أي مؤشرات واضحة على تحسن قريب.










0 تعليق