نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
على حافة العاصي: يوميات الخوف والصمود في بلدتي القصر وحوش السيد علي - صحيفة تواصل, اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025 03:05 مساءً
صحيفة تواصل - خبر خطف الفتيين حسين يوسف قطايا ومجتبى علي زعيتر من قبل الأمن العام السوري ومن داخل الأراضي اللبنانية ليل الثلاثاء هزّ منطقة بعلبك – الهرمل بسرعة الصاعقة، ولكنه لم يكن مفاجئاً.
هنا، على الشريط الحدودي الشمالي الشرقي، تصبح الحادثة الأمنية مجرد فصل جديد في كتاب يوميات يملأه الخوف والصمود. إنها حياة معلقة بخيط رفيع بين هدوء عابر وصوت رصاص مفاجئ.
مشهد الحدود بين الساتر الترابي وعين المخابرات اللبنانية في هذه القرى، لا يفصلك عن الجوار المضطرب سوى أمتار. ورغم هذا الواقع القاسي، تشعر بحركة منتظمة تثبّت أركان المكان، فالعسكريون في كل مكان، وهو ما يبعث الطمأنينة الحذرة في نفوس الأهالي. الجيش اللبناني، بوحداته المنتشرة، يحاول جاهداً أن يمسك بزمام الأمور.
يؤكد رئيس بلدية الشواغير السابق وأحد وجهاء عشائر بعلبك - الهرمل، علي خضر الحاج حسن، لـ"النهار" بمرارة وواقعية: "لولا هيبة الجيش اللبناني وقبضته، لكنا خسرنا أرضنا وأهلنا منذ زمن. لكن التحدي كبير، فالحدود متداخلة، والأزمة فتحت الأبواب أمام كل أنواع الاختراق. عمليات الخطف تحصل من أراضينا، ويُنقل أبناؤنا إلى الداخل السوري! هذا أخطر ما نواجهه يومياً".
مناطق مفتوحة على الحدود بين لبنان وسوريا (النهار).
ويضيف: "نحن تحت راية الجيش مهما كانت قوتنا. الجيش هو الضابط وهو المفاوض. هذه الاستفزازات السورية لا تأتي إلا بالخراب وتُدمّر البيوت، وهذا التدخل الأمني السوري داخل منطقة العريض اللبنانية هو مثال صارخ للخرق الذي يتجاوز كل قواعد التفاهم والسيادة، ومن هنا نشكر الجيش اللبناني ومديرية المخابرات التي أدّت دوراً محورياً وفعالاً، وتمكنت من ضبط الأمور ومنع انزلاق المنطقة نحو أتون النار ليل أمس، في لحظات كانت دقيقة ومفتوحة على كل الاحتمالات".
وقد أدّت جهود المديرية إلى توقيف عدد من المطلوبين أبرزهم فجر الاثنين المطلوب ف.ف. ج. في منطقة الكواخ – الهرمل، وهو ملاحق بعدّة مذكرات توقيف بجرائم تتعلق بالاتجار بالمخدرات، السلب بقوة السلاح، وتجارة الأسلحة، والخطف مقابل فدية، والتزوير، وكان يعمل على نقل المخطوفين وعمليات خطف لحسابه. كذلك أوقِف المطلوبان ح.ع.ز وع.ح.ص. وشقيقان من آل البزال جميعهم بتهمة الخطف والتهريب.
بالنسبة إلى الكثيرين، أصبحت العشيرة هي الحماية الأخيرة. أحد وجهاء عشيرة آل زعيتر قال: "عندما خُطف الصبية، لم ننتظر. اجتمعنا، اتصلنا بكل من نعرفه. لا يمكن أن يذهب أبناؤنا هكذا. هذه الأرض لنا، صامدون فيها، لكننا نحتاج إلى أن نعرف من يحمي ظهرنا. الصمود هنا يعني أن تبقى عينك على الجيش وعينك على الجانب الآخر".
وأكد مصدر مطلع لـ"النهار" أن أي إشكاليات أمنية أو عمليات تهريب يُزعم وجودها من الجانب السوري، لا تبرّر بأي شكل تنفيذ عمليات عسكرية أو أمنية داخل الأراضي اللبنانية.
وأضاف : "إن الرسالة واضحة وبسيطة: الجانب اللبناني متعاون ومستعد للتنسيق التام بكل بساطة. إن ضبط الأمن السوري الداخلي أولاً، واستخدام قنوات التنسيق المشتركة لمعالجة أي خروقات ثانياً، هما الضمانة الوحيدة لاستدامة الهدوء ومنع التوتر، وهو ما يصب في مصلحة كلا الشعبين والبلدين".
في المقابل أكد مصدر مطلع سوري لـ "النهار" أن الفتيين أوقفا من قبل الأمن العام السوري، بالتزامن مع توقيف عدد من النساء كنّ يحاولن الدخول خلسة إلى داخل الأراضي السورية. مرور الفتيين على دراجة نارية في الموقع دفع عناصر الأمن العام إلى الاشتباه في أنهما شريكان في عملية التهريب، فاقتيدا للتحقيق.

قرى حوض العاصي (النهار).
هذه القرى لا تطلب مستحيلاً. إنها تطلب اليقين. صمود الأهالي هو حقيقة لا تقبل الجدل، وجهود الجيش اللبناني، بمخابراته ووحداته الميدانية، هي صخرة الأمان الوحيدة، لكن هذا كله لن يكتمل دون قرار سياسي حاسم.
الحياة على "حافة العاصي" لن تستقيم إلا بـ ترسيم نهائي للحدود يضع فاصلاً واضحاً بين السيادة والخطر، وبخطة إنمائية تعزز بقاء المواطن في أرضه. وإلى أن يحدث ذلك، سيبقى أهالي القصر وحوش السيد علي يراقبون الطريق، على أمل أن يعود كل من عبر الحدود بسلام.
0 تعليق