نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ثورة رقمية إماراتية في أفريقيا: استثمار بمليار دولار يعيد رسم خريطة النفوذ التكنولوجي - تواصل نيوز, اليوم الخميس 27 نوفمبر 2025 08:23 صباحاً
تواصل الإمارات ترسيخ حضورها الدولي عبر مبادرات استراتيجية تتجاوز حدود الاستثمار التقليدي، لتشمل اليوم أحد أهم محركات التغيير في العالم: الذكاء الاصطناعي. وفي هذا الإطار، أعلنت الدولة عن خطة لاستثمار مليار دولار في توسيع بنية الذكاء الاصطناعي التحتية والخدمات المرتبطة به في مختلف أنحاء أفريقيا، في خطوة تُعد من بين أبرز المبادرات الموجهة لدعم التنمية التكنولوجية في القارة.
وقد جاء هذا الإعلان خلال قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرغ، حيث أكّد وزير الدولة في وزارة الخارجية، سعيد بن مبارك الهاجري، أنّ هذه الخطوة ستساهم في تطوير البنية التحتية الرقمية، وتحسين الخدمات الحكومية، وتعزيز الإنتاجية، عبر تمكين الدول الأفريقية من الوصول إلى قدرات حوسبة عالية وخبرات تقنية وشراكات عالمية متقدمة.
ويعكس هذا الاستثمار إدراك الإمارات للدور الاستراتيجي الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعبه في تجاوز التحديات التنموية التي تعاني منها الكثير من دول أفريقيا، سواء في مجالات التعليم أو الصحة أو الزراعة أو إدارة الهوية الرقمية أو التكيّف مع تغيّر المناخ. فالقارة، رغم إمكاناتها الكبيرة، لا تزال متأخرة مقارنة ببقية العالم في تبنّي هذه التقنيات، ما يجعل المبادرات التي تدمج بين الاستثمار المالي ونقل المعرفة خطوة محورية في دفع مسار التنمية قدماً.
وفي هذا السياق، يوضح خبير التحوّل الرقمي إلياس الأشقر في حديثه لـ"النهار" أنّ تأثير المبادرة الإماراتية سيكون ملموساً رغم التحديات، لأنها لا تقتصر على تمويل مشاريع تقنية منفصلة، بل تسعى إلى بناء منظومة رقمية متكاملة تشمل البنية التحتية والمهارات والحوكمة. ويشرح الأشقر أنّ قطاع الصحة سيكون من أبرز المستفيدين، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي سدّ النقص في الكوادر الطبية عبر أدوات التشخيص المبكر وتحليل الصور الطبية وتتبّع الأمراض الوبائية، وكل ذلك بفضل قدرات الحوسبة المتقدمة التي توفّرها المبادرة.
أما في مجال التعليم، فيرى الأشقر أنّ الاستثمار في مراكز بيانات وحلول تعليم رقمي سيسمح بتوسيع فرص التعلم وتعويض محدودية المعلمين في بعض الدول، عبر توفير محتوى ذكي قادر على مراقبة أداء الطلاب وتحسينه آنياً. وفي قطاع الزراعة، يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي سيمكن المزارعين من تحليل بيانات المناخ والتربة والمحاصيل، ما يؤدي إلى تقليل الهدر وزيادة الإنتاجية، لافتاً إلى أن هذه الحلول لا تتطلب خبرات تقنية محلية متقدمة، بل تدريباً تدريجياً وشراكات مستدامة، وهو ما التزمت به الإمارات بالفعل.
وبينما تتزايد الاستثمارات الإماراتية في أفريقيا لتشمل الطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية والمعادن والبنية الرقمية، تضع تقارير دولية الدولة في مقدمة المستثمرين الأجانب في القارة خلال السنوات الأخيرة. هذا التوسع يؤكد أنّ الإمارات أصبحت لاعباً مركزياً في إعادة رسم خريطة الاستثمار الأفريقي، متقدمة على قوى اقتصادية تقليدية لطالما هيمنت على الساحة.
صورة تعبيرية (وكالات)
وهنا يؤكد الأشقر أنّ الدور الإماراتي الجديد لا يقوم فقط على ضخ الأموال، بل على صياغة نموذج جديد للتعاون التكنولوجي يقوم على الشراكة والتنمية المشتركة. ففي ظل تنافس قوى عالمية كالصين والولايات المتحدة وأوروبا على النفوذ الرقمي في أفريقيا، تأتي الإمارات بمقاربة مختلفة تسعى إلى تمكين الدول الأفريقية من بناء قدراتها التقنية، وليس مجرد تزويدها بأنظمة جاهزة. ويضيف أنّ المبادرة الإماراتية تضع الدولة على مسار أن تصبح لاعباً محورياً في تشكيل سياسات الذكاء الاصطناعي في القارة، خصوصاً عبر مشاركتها في بناء الحوكمة الرقمية وتقديم النماذج التنظيمية التي طوّرتها محلياً.
ويرى الأشقر أنّ قوة الإمارات تكمن في سرعة التنفيذ وقدرتها على خلق شراكات واسعة بين القطاعين العام والخاص، وهي ميزة نادراً ما تتوافر لدى المنافسين التقليديين. ولهذا، فإن الاستثمار الجديد قد يرسّخ موقع الإمارات كقوة مؤثرة في التحوّل الرقمي للجنوب العالمي، لا سيما إذا ترافق مع نقل للمهارات وبناء القدرات المحلية وضمان استدامة المشاريع.
وبين البعد التنموي والبعد الجيوسياسي، تقف الإمارات اليوم أمام مشروع قادر على إعادة صياغة علاقتها بالقارة الأفريقية، وإرساء نموذج تعاون رقمي جديد يعزز حضورها الدولي. ومع استمرار توسّع استثماراتها، قد تصبح الإمارات خلال سنوات قليلة المستثمر الأجنبي الأول في أفريقيا، مدفوعة برؤية تجمع بين الابتكار التكنولوجي والنمو الاقتصادي المستدام.






0 تعليق