خطة السلام لحرب أوكرانيا... الزخم الديبلوماسي المتسارع يصطدم بنقاط خلاف جوهرية - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
خطة السلام لحرب أوكرانيا... الزخم الديبلوماسي المتسارع يصطدم بنقاط خلاف جوهرية - تواصل نيوز, اليوم الجمعة 28 نوفمبر 2025 08:23 صباحاً

تسلّط التسريبات الأخيرة حول مفاوضات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع موسكو وكييف الضوء على جهود أميركية مكثفة للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب في أوكرانيا، رغم الجدل الداخلي والتباينات مع الحلفاء. وبين ضغوط واشنطن وتعنت روسيا ومخاوف أوكرانيا، تبدو فرص السلام محاطة بتعقيدات سياسية وعسكرية متزايدة.

في الشهر الماضي، وجه المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف نصائح إلى مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيال المفاوضات. أظهرت نسخة المكالمة، التي نشرتها وكالة "بلومبرغ"، ويتكوف يبدو وكأنه يوجه الكرملين حول كيفية التفاوض مع ترامب ويقوض الزيارة المرتقبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. لكنها كشفت أيضاً عن شيء آخر: عزم ترامب العنيد على إبرام نوع من الاتفاق مع روسيا لإنهاء الحرب حتى لو كان ذلك وفقاً لشروط الكرملين، بحسب تحليل لصحيفة "نيويورك تايمز".

واشنطن ترضخ لمطالب موسكو؟
لقد صدم ترامب الحلفاء الأوروبيين وترك الأوكرانيين يشعرون وكأن الولايات المتحدة قد تخلت عنهم. وأثار جدلاً حاداً في واشنطن، حيث يرى المدافعون عنه أن التحدث إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو السبيل الوحيد لوقف القتال الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية فيما يعتبر منتقدون أنه يرضخ ويتودد لبوتين.

أثارت المكالمة قلق بعض صقور الحزب الجمهوري في الكابيتول الذين شددوا على أن ويتكوف تحت تأثير روسيا بشكل كبير. ودعا بعض المشرعين الجمهوريين الإدارة إلى تغيير مسارها. بينما دافع ترامب عن مبعوثه بالقول "هذا أمر عادي"، مضيفاً أنه من المحتمل أن يكون قد أدلى بتصريحات مماثلة للأوكرانيين، مؤكداً أن "هذا ما يفعله صانع الصفقات"، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

 

وقال النائب الجمهوري عن بنسلفانيا براين فيتزباتريك:"هذه مشكلة كبيرة. وهي أحد الأسباب العديدة التي تجعل من الضروري وقف هذه العروض الجانبية السخيفة والاجتماعات السرية... اسمحوا لوزير الخارجية بأداء مهامه بطريقة عادلة وموضوعية". 

 

وقال النائب الجمهوري عن نبراسكا دون بيكون الذي انتقد إدارة ترامب بسبب طريقة تعاملها مع المفاوضات إن التقرير أظهر أن ويتكوف يجب أن يُبعد. وأكد أن ويتكوف "يتصرف وكأنه على قائمة رواتب روسيا... هذه الحادثة برمتها كانت فشلاً ذريعاً ووصمة عار على بلدنا. يجب أن يُفصل من منصبه".

نقاط خلاف جوهرية
صحيح أن ترامب أبدى تفاؤلاً أخيراً بشأن إحراز تقدم في المفاوضات بعد أسبوع من المحادثات المكثفة مع أوكرانيا والتي أدت الى تعديل خطة السلام الاولية التي طرحتها واشنطن والتي اعتُبرت على نطاق واسع منحازة لمطالب موسكو، إلا أنه أقر بأن هناك "بعض النقاط الخلافية المتبقية"، لكن التفاصيل الأكثر تعقيداً في الاتفاقية هي التي بقيت دون حل.

وقال مصدر أوكراني رفيع المستوى على دراية مباشرة بالمفاوضات لشبكة "سي إن إن"،  لا تزال هناك فجوات كبيرة بين ما تطلبه إدارة ترامب من أوكرانيا وما تستعد السلطات المتعثرة في كييف لقبوله. اتفق المصدر مع مسؤولي ترامب على أنه تم بالفعل التوصل إلى "توافق" حول معظم النقاط الواردة في مقترحات السلام لكنه أعلن أن هناك على الأقل ثلاثة مجالات حاسمة توجد فيها اختلافات كبيرة، وهي اختلافات يمكن أن تحدد نجاح أو فشل المفاوضات.

 

أعلام أوكرانية وصور جنود سقطوا في نصب تذكاري في ساحة الاستقلال في كييف، (ا ف ب).

أعلام أوكرانية وصور جنود سقطوا في نصب تذكاري في ساحة الاستقلال في كييف، (ا ف ب).

 

أولاً، القضية الحساسة المتمثلة في ما إذا كانت أوكرانيا ستتنازل عن أراضٍ رئيسية في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، التي ضمتها روسيا ولكنها لم تغزُها بعد، بما في ذلك "حزام الحصون" المكون من بلدات ومدن محصنة بشدة وتعتبر حيوية لأمن أوكرانيا. ثانياً، لا يزال الاقتراح الأميركي المثير للجدل بأن تحد أوكرانيا من حجم جيشها إلى 600 ألف جندي قيد المناقشة.  أخيراً، في ما يتعلق بمسألة تخلي أوكرانيا عن طموحها في الانضمام إلى حلف الناتو، قال المصدر إن هذا المطلب لا يزال غير مقبول. 

وهذه القضايا هي الأسباب التي تذرع بها الكرملين في أغلب الأحيان لشن حربه أساساً وحلها يُعتبر أساسا للسلام بالنسبة لروسيا ولكنها أيضا يشكل خطوط حمراء حساسة وطويلة الأمد بالنسبة لأوكرانيا، والتي قاتل وقُتل من أجلها عشرات الآلاف من الجنود الأوكرانيين. والتخلي رسميا عن أي منها هو مطلب كبير وقد ينطوي على مخاطر كبيرة للقادة الأوكرانيين الذين يحاولون القيام بذلك.

وأكدت صحيفة "واشنطن بوست" بدورها أن مجال التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين لا يزال ضيقاً، حيث لا يحظى مطلب روسيا بتسليمها المزيد من الأراضي التي لم تتمكن من احتلالها في منطقة شهدت 12 عاماً من الصراع، بشعبية كبيرة بين الأوكرانيين.

ورأت أن الخطة الأصلية، التي انتقدها الأوكرانيون والأوروبيون على نطاق واسع باعتبارها مبالغة في التحيز لروسيا واستسلاماً لأوكرانيا، أقرها بوتين كأساس محتمل للسلام. يعتقد معظم المحللين أن التغييرات الأخيرة على الخطة بين واشنطن وكييف لن تكون مقبولة لموسكو، ما يترك لروسيا خيار محاولة مراجعة مسودة الاتفاق مرة أخرى أو رفضها تماماً.

ما الذي سيقبله بوتين؟
لا شك أن الأوكرانيين والأوروبيين تنفسوا الصعداء بعد سعيهم لتخفيف حدة خطة السلام. ولكن الحقيقة المزعجة تلقي بظلالها على هذه الحماسة الدبلوماسية، فكل شيء سيعتمد على ما سيقبله بوتين الذي أشار إلى أنه مستعد لمواصلة الحرب، على الرغم من الخسائر الفادحة في ساحة المعركة والمعاناة الاقتصادية في الداخل، بهدف إخضاع أوكرانيا لروسيا.

يقول المحللون إن الواقع على الأرض لا يعطي بوتين أي سبب لتخفيف شروطه. أوكرانيا تقفد أراضيها بوتيرة متسارعة. وهي تعاني من فضيحة فساد داخلية. كما أنها تعاني من نقص في الأموال والجنود، فضلاً عن فقدان صبر الولايات المتحدة. بالنسبة للزعيم الروسي، فإن الصمود في انتظار انهيار أوكرانيا بشكل أوسع قد يؤدي إلى تنازلات أكبر، بحسب تقرير آخر لـ"نيويورك تايمز".

ولكن يحرص بوتين أيضاً على تطوير علاقة أعمق مع ترامب، ما قد يؤدي إلى تخفيف العقوبات والتعاون الاقتصادي ومزايا جيوستراتيجية أوسع. ويقول المحللون إن الزعيم الروسي مغرٍ بهذا الاحتمال، لكنه لن يضحي بأهدافه الحربية الأساسية لتحقيقه.

رغم الزخم الدبلوماسي المتسارع، ما زالت الهوة واسعة بين شروط موسكو وثوابت كييف، فيما يثير نهج واشنطن جدلاً داخلياً وخارجياً. ومع بقاء القضايا الجوهرية دون حل، تبدو جهود السلام محاصرة بمعادلات معقدة تجعل الوصول لاتفاق نهائي أمراً  صعب المنال.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق