أجهزة السكانر في مرفأ بيروت: تعزيز الثقة وإعادة فتح الأسواق - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أجهزة السكانر في مرفأ بيروت: تعزيز الثقة وإعادة فتح الأسواق - تواصل نيوز, اليوم الجمعة 28 نوفمبر 2025 08:03 مساءً

بدأ مرفأ بيروت يشهد تحسناً ملحوظاً بعد سنوات من التحديات التي أعقبت انفجار الرابع من آب/ أغسطس 2020، مع عودة النشاط الملاحي وحركة الشحن إلى مستويات أفضل، ما يعكس التعافي التدريجي للمرفأ الحيوي. هذا التطور لم يقتصر على الحركة الميدانية، بل شمل خطوات تنظيمية مهمة تهدف إلى تعزيز الرقابة وتحسين الأداء التشغيلي.

 

ووفق تقرير البنك الدولي لعام 2024، احتل مرفأ بيروت المرتبة 54 عالمياً ضمن مؤشر أداء موانئ الحاويات، ما يعزز مكانته بين أهم الموانئ العالمية ويؤكد كفاءته وتطوره اللوجستي.

 

وفي إطار هذه التطورات، ستبدأ أجهزة السكانر الحديثة بالعمل في المرفأ قريباً لتفحص كل الحاويات بدقة عند دخولها، وتوفر آلية متقدمة لمتابعة البضائع ومراقبة الصادرات.

 

وفي ما يخص الإجراءات الأمنية، شدد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام على أن تركيب أجهزة السكانر يُعد خطوة أساسية لضبط الممنوعات والمخدرات ومنع لبنان من أن يكون معبراً غير قانوني للصادرات إلى الدول العربية، مع التأكيد على قرب رفع الحظر عن الصادرات اللبنانية.

 

وشرح وزير الأشغال فايز رسامني أن السكانر يتيح معرفة محتوى كل حاوية بدقة، ما يساعد وزارة المالية والجمارك على استيفاء الرسوم الجمركية الصحيحة ويعزز إيرادات الخزينة، إلى جانب تقليص أي تلاعب في البضائع.

 

جولة تفقدية لنواف سلام في مرفأ بيروت. (حسام شبارو)

جولة تفقدية لنواف سلام في مرفأ بيروت. (حسام شبارو)

 

" خطوة مفصلية على مستويين"...
في السياق، يؤكد رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمرفأ بيروت مروان النفي لـ"النهار" أن "تركيب أجهزة السكانر خطوة مفصلية على مستويين. الأول على المستوى الجمركي، حيث ستتمكن هذه الأجهزة من إقفال الباب كلياً أمام كل أشكال التهريب، ما يرفع مدخول الخزينة ويعزز الثقة العربية والدولية بجدية العمل داخل هذا المرفق ويطمئن الدول العربية ويدعم ثقتهم بآلية العمل".

 

ويشير إلى أن "هذه التقنية تتيح مراقبة فورية للحاويات وتمنح الدول المستوردة من لبنان، ولاسيما العربية منها، صورة مسبقة عن البضائع، وهو عنصر أساسي في تطمين الأسواق ودعم الحركة الإنتاجية اللبنانية".

 

ويتابع النفي: "أما على مستوى إدارة المرفأ، فنحن أمام نقلة حقيقية في الـefficiency، إذ بإمكان هذه الأجهزة الكشف على قرابة مئة مستوعب خلال ساعة واحدة"، موضحاً أن "هذه الخطوة ستعزز الدورة المرفئية، والـ process للمستوردين سيكون أوضح وأكثر سلاسة".

 

ويُشدد على أن "الهدف أن تتحول هذه الخطوة إلى مدخل لمسار رقمنة شامل، بحيث يتمكن المواطن والتاجر من إنجاز معاملاته online ومن مكتبه، ضمن بيئة رقمية حديثة ترفع مستوى الشفافية وتتماشى مع أعلى المعايير العالمية في إدارة المرافئ".

 

"هدف مجلس الإدارة الجديد"...
في سياق آخر، وخلال جولة في مرفأ بيروت، يؤكد رئيس الحكومة أن "الحكومة تعمل على نهوض اقتصادي للبنان، وأن ركناً أساسياً في أي عملية نهوض اقتصادي هو تطوير مرفأ بيروت وتحديثه".

ويلفت إلى أن "الأهم هو وضع لبنان ومرفأ بيروت على خارطة المواصلات في المشرق العربي".

 

في هذا الإطار، يقول النفي: "هذا هو هدف مجلس الإدارة الجديد: إعادة مرفأ بيروت إلى موقعه الطبيعي كمرفق أساسي في شرق المتوسط، من خلال تحسين الأداء ورفع مستوى الجاهزية التشغيلية والخدماتية".

 

ويعتبر أنه "طالما مرفأ بيروت بخير فإن الاقتصاد الوطني بخير، لذلك فإن تركيزنا الأساس على النتائج"، لافتاً إلى أنه "ومع استمرار الإجراءات التي ستتخذها الإدارة الجديدة، نتوقع زيادة في حجم المناولة، وتحسن في ثقة الشركات الملاحية، وعودة تدريجية للدور الاقليمي للمرفأ".

 

مرفأ بيروت (أرشيف النهار).

مرفأ بيروت (أرشيف النهار).

 

أهمية القطاع الخاص...
يظلّ مرفأ بيروت محوراً أساسياً في حركة التجارة والاقتصاد اللبناني، رغم التحديات التي مرّ بها خلال الأعوام الأخيرة. ومع استمرار الجهود لإعادة تنظيمه وتطوير بنيته، تتجه الأنظار إلى الخطوات التي يمكن أن تعيد إليه دوره الحيوي وتعزّز مستوى الرقابة والكفاءة فيه.

 

بدوره، يؤكد الخبير الاقتصادي باتريك مارديني في حديثٍ لـ"النهار" أنّ "النقطة الأساسية في مشروع أجهزة السكانر هي أنّه يُظهر قدرة القطاع الخاص على تنفيذ حلول يعجز القطاع العام عن تحقيقها".

 

ويشرح أنّ الجمارك تحدّثت طويلاً عن استقدام هذه الأجهزة، سواء عبر عقود تمتد لسنوات أو بطرق أخرى، لكنها لم تتمكّن من تنفيذ ذلك بسبب غياب التمويل والإرادة والحوافز.

 

ويشير مارديني إلى أنّ هذا العجز دفع الدولة إلى اعتماد مشروع شراكة مع القطاع الخاص، الذي تولّى تمويل السكانر وتركيبها وتشغيلها، موضحاً أنّ تشغيل القطاع الخاص سيكون بطبيعة الحال أكثر فعالية من إدارة القطاع العام، "أما المعلومات التي تنتجها هذه الأجهزة فستُحال إلى الجهات الرسمية المختصة لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها".

 

ويلفت إلى أنّ "هذا النموذج يوضح كيف يمكن للقطاع الخاص أن يساهم في معالجة مشكلات مزمنة في لبنان، وخصوصاً في ملف تحصيل الضرائب"، قائلاً إنَّ "القطاع الخاص يساعد الدولة في جباية الرسوم والضرائب، وهو نموذج معتمد في دول عدة مثل المملكة المتحدة، حيث تتولى شركات خاصة عملية الجباية وتسليم الأموال للدولة، ما يخفف عن الأجهزة الرسمية عبء الجباية ومخاطر الفساد المرتبطة بها".

 

ويعتبر مارديني في حديثه لـ"النهار" أنّ أهمية المشروع لا تقتصر على تحسين إيرادات الخزينة، بل تشمل أيضاً خفض الكلفة على الدولة وتحسين فعاليتها، إذ إنّ اعتماد السكانر عبر القطاع الخاص يحقق وفراً مالياً واضحاً بالمقارنة مع محاولة تنفيذ المشروع داخل القطاع العام.

 

مرفأ بيروت (مواقع).

مرفأ بيروت (مواقع).

 

"الجمرك المسطّح"...
ويشير إلى أنّ المشكلة الثانية تكمن في التهرّب الجمركي، الذي يُعدّ من أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد اللبناني، ليس فقط على مستوى الخزينة، بل على مستوى الاقتصاد ككل"، شارحاً أنّ "شركات كثيرة تلتزم بدفع الرسوم الجمركية، في حين يتهرّب آخرون، ما يجعل المنافسة غير عادلة. فالشركات الملتزمة تدفع رسوماً قد تصل إلى 10 أو 20 أو حتى 30 في المئة بحسب نوع السلع، بينما يتمكّن المتهرّبون من بيع البضائع بأسعار أدنى بكثير، ما يفقد القطاع الشرعي قدرته على المنافسة".

 

ويؤكّد مارديني أنّ" هذا الواقع أدّى إلى تقلّص حجم القطاع الشرعي، وإقفال مؤسسات وصرف عمّال، وانتقال بعض الشركات إلى الاقتصاد غير النظامي عبر إدخال بضائع من دون رسوم، الأمر الذي أثّر سلباً على النمو ودفع الضرائب".

 

ويلفت إلى أنّ أجهزة السكانر قد تُسهم في الحدّ من هذه الظاهرة عبر تحسين الرقابة وفرض مساواة في تطبيق القانون، بعدما كان التشدد تاريخياً يطال فقط الملتزمين بالرسوم، فيما يُترك المخالفون من دون محاسبة.

 

لكن مارديني يوضح أنّ هذه الأجهزة وحدها لا تكفي لمعالجة التهرّب الجمركي بشكل جذري، لأن المشكلة مرتبطة أيضاً بالنظام الجمركي نفسه، قائلاً: " فوجود سلع معفاة من الرسوم إلى جانب سلع أخرى تُفرض عليها نسب تصل إلى 30 أو 40 في المئة يخلق حوافز دائمة للتهرّب، إذ يكفي أن يصرّح المستورد بأن بضاعته معفاة ليُدخلها بسعر أقل".

 

ويشدّد على أنّ الحل النهائي يتطلّب تعديل النظام الجمركي واعتماد "الجمرك الموحّد" أو الجمرك المسطّح.

 

"تعزيز ثقة الأسواق الخارجية"...
إلىى ذلك، تواجه الدول الصغيرة تحديات كبيرة في الحفاظ على انسياب تجارتها الخارجية، خصوصاً حين تتأثر سمعتها باضطرابات داخلية أو ضعف في الرقابة. وفي هذا السياق، تصبح الثقة بالإجراءات الحدودية عاملاً أساسياً يحدد قدرة أي بلد على النفاذ إلى الأسواق العالمية.

 

ويشير مارديني لـ"النهار" إلى أنّ المشكلة لا تقتصر على الاستيراد، بل تشمل أيضاً التصدير، إذ تواجه الصادرات اللبنانية عراقيل في دخول أسواق عدة بسبب ضعف الثقة بالرقابة على الحدود.

 

ويشرح أنّ دولاً كثيرة، خصوصاً الخليجية، تتردد في استيراد بضائع من لبنان لغياب ضمانات واضحة حول مطابقة الشحنات للمعايير أو خلوّها من مواد محظورة.

 

ويؤكّد مارديني أنّ تفاقم تهريب الكبتاغون ألحق ضرراً كبيراً بسمعة لبنان التجارية وأسهم في وضعه على اللائحة الرمادية، ما أدى إلى تشدد الدول في التعامل مع الصادرات اللبنانية وانعكس تراجعاً ملحوظاً في المنتجات الزراعية والصناعية.

 

ويلفت إلى أنّ وجود أجهزة سكانر حديثة سيساعد في تعزيز ثقة الأسواق الخارجية عبر فحص الحاويات قبل مغادرتها المرفأ وإصدار تقارير رسمية تضمن سلامتها، ما يشجع الدول المستوردة على إعادة فتح أسواقها.

 

ويرى مارديني أن هذه الخطوة قادرة على تحفيز القطاعين الزراعي والصناعي، بعدما اضطر العديد من الصناعيين لنقل مصانعهم إلى الخارج بسبب صعوبة التصدير، آملاً في أن تسهم عودة الثقة في استقطابهم مجدداً لما لذلك من تأثير حيوي على الاقتصاد الوطني.

 

جولة وزارية في مرفأ بيروت للاطلاع على الماسحات الضوئية الجديدة (مواقع)

جولة وزارية في مرفأ بيروت للاطلاع على الماسحات الضوئية الجديدة (مواقع)

 

تكشف التطورات في مرفأ بيروت عن مسار طويل ما زال يحتاج إلى الكثير من الإصلاحات البنيوية، رغم الخطوات التقنية والتنظيمية التي يجري العمل عليها. فتعزيز الرقابة ووضع حد للتهرّب يبقيان شرطين أساسيين لأي تحسّن حقيقي في حركة التجارة.

 

كما أن استعادة ثقة الأسواق الخارجية تتطلب استمرارية في الإجراءات لا مجرد مبادرات ظرفية. وبين التحديات والفرص، يبقى مستقبل المرفأ مرهوناً بقدرة الدولة على تثبيت هذا المسار وتحويله إلى سياسة مستدامة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق