البرتغال... سلطة الزمن المستعار! - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
البرتغال... سلطة الزمن المستعار! - تواصل نيوز, اليوم الخميس 5 يونيو 2025 04:43 صباحاً

تواصل نيوز - وأخيراً فعلها أندريه فينتورا (42 عاماً)، زعيم حزب "شيغا" (يكفي) البرتغالي المتطرف ومؤسّسه! بعد أقلّ من ست سنوات في غمار السياسة، دمّر المعلق الرياضي السابق نظام الحزبين، الاشتراكي والديموقراطي الاجتماعي، اللذين تناوبا على حكم البلاد منذ نصف قرن. وإذ صار زعيماً للمعارضة هذه المرة فهو يُعدّ نفسه لانتزاع السلطة في الانتخابات المقبلة.

فاز "شيغا" قبل أيام بحصة الأسد من أصوات المغتربين في انتخابات 18 أيار/مايو، فحلّ ثانياً في البرلمان بواقع 60 مقعداً (من أصل 230). وتخلّف بـ 31 عن الديموقراطي الاجتماعي، الذي سيشكّل زعيمه، لويس مونتينيغرو، حكومته الائتلافية الثانية في 13 شهراً، من دون ممثلين عن أكبر أحزاب المعارضة.

هذا لا يقلل من أهمية إنجاز فينتورا الذي حقق بتصدره المعارضة اختراقاً عجز عنه رفاقٌ سبقوه إلى ميادين السياسة في دول تحرّرت سلفاً من نظام الحزبين.

واللافت أن النظام التقليدي تداعى تحت ضربات حزب يمينيّ متطرّف، في بلاد كان يقال إن تجربتها مع حكم الديكتاتور أنطونيو سالازار (1932-1968) قد حصّنتها ضد اليمين المتشدّد. والواقع أنه ضاعف شعبيته على حساب الحزب الاشتراكي، الذي جاء ثالثاً لخسارته عشرين مقعداً في الانتخابات بسبب أدائه، ولكونه كان شريكاً في نظام حكم أضرّ بالبرتغال.

لا شك في أن الاشتراكي أخطأ في حساباته، كما كانت ولاياته الأخيرة مشوبة بالفوضى والفساد. ولا يخلو سجلّ منافسه المحافظ من هذه العيوب. وربما سيواجه مونتينيغرو صعوبات جمّة في سياق إدارة البلاد بوساطة حكومة أقليّة قد تعوّق جهوده للوفاء بوعوده، وتسدّد إلى صدقيّة حزبه ضربات مؤثّرة تجعله يلقى نهاية الاشتراكي ذاتها.

ولا يبدو النظام الثنائي حالياً في بريطانيا أكثر رسوخاً منه في البرتغال. صحيح أن التنبؤ بنهايته في المملكة المتحدة كان في مرات عدة مجرد أضغاث أحلام، لكن ثمة مؤشرات متزايدة في الأشهر الأخيرة تبشر بأن نهايته اقتربت إن لم تكن قد بدأت، وفق ما يحذّر قياديّون سابقون في حزبَي المحافظين والعمّال.

الحزبان الحاكمان في البلدين عرضة للتهميش. تعثر الديموقراطي الاجتماعي المرشح للتفاقم، يقابله تخبّط العمال البريطانيّ قبل أن يكمل سنته الأولى في الحكم. وفي غضون ذلك، فإنّ حزبي المحافظين البريطاني والاشتراكي البرتغالي، اللذين كانا يمثلان المعارضة هنا وهناك، مهدّدان بالاضمحلال بسبب إخفاقاتهما، ولكون الأغلبية الساحقة من ناخبيهما من المتقدّمين في السنّ.

وفيما يدبّ الوهن في أوصال "الشركاء" في مؤسسة الحكم في الدولتين، يدقّ اليمين المتطرف والشعبويّ أبواب السلطة معلناً، بطرقٍ فيها من التباهي قدر ما فيها من المغالاة، أنه البديل المناسب لنظام الحزبين الذي فشل فشلاً ذريعاً!

لكن أيّ بديل هو هذا اليمين الذي لم يثبت أنه مؤهّل لخوض تجربة السلطة المليئة بتحديات كفيلة بالكشف عن مدى جدارة من يمسك بها؟ من يُدِر البلاد، لا يمكنه التهرّب من معالجة الصعوبات، لئلا يطيحه الناخبون في أول فرصة. أما المعارض فيكتفي بإثارة الضجيج حول الأزمات، من دون أن يتعب نفسه بمجازفة البحث عن حلول لها.

طبيعي إذن أن يكسب معارضون شعبويون مثل نايجل فاراج أو فينتورا المزيد من التأييد حالياً، إلا أن ما يكسبه أيّ منهما سيبدأ على الأغلب بالتلاشي إذا خضع للامتحان على سدة الحكم. وإلى أن يحين موعد الولادة المؤجّلة لبديل أصيل لنظام الحزبين في البرتغال وبريطانيا، يبقى كلّ منهما تحت رحمة تيارات متعاكسة، بعضها يتشبّث بسلطة تعيش على زمن مستعار، وبعضها الآخر يبالغ في تخيل سلطة يحسب أنها ستكون من نصيبه، غداً ودائماً!

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق