احترس من تصوير الغير.. حتى لا تقع في فخ التشهير - تواصل نيوز

الجمهورية اونلاين 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
احترس من تصوير الغير.. حتى لا تقع في فخ التشهير - تواصل نيوز, اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 03:21 صباحاً

تواصل نيوز - فبعد أن شهد المجتمع في الآونة الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في قيام الأفراد بتصوير مختلف الأحداث اليومية، ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دون وعي بالحدود القانونية أو الأخلاقية لمفهوم الخصوصية، وقد تجاوز الأمر حد التوثيق العفوي إلي تصوير مشاهد منافية للآداب العامة، وهو ما أثار الرأي العام ودفع النيابة العامة إلي إصدار بيان رسمي تُحذر فيه من انتهاك حرمة الحياة الخاصة. مناشدة الجميع احترام خصوصية الغير وعدم تداول أو نشر المقاطع التي تمس القيم والأخلاق أو تخالف أحكام القانون.. فحول هذه الظاهرة وتبعاتها القانونية، كان لنا هذا الحوار مع الدكتور الحسين الزقيم محمد عضو هيئة تدريس بحامعة اسيوط ومدرس القانون العام بمعهد أكتوبر العالي للهندسة والتكنولوجيا وعضو الهيئة العلمية بكلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة ابن خلدون بالجزائر.

بدايةً هل يعتبر التقاط صورة وتسجيل مقطع فيديو للغير دون إذن يندرج تحت التعدي علي الحق في الخصوصية؟
الحق في الخصوصية يُعد أحد الحقوق الدستورية الأصيلة، إذ نص الدستور المصري في المادة "57" على أن للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تُمس، كما قرر المشرع في المادة "309 مكرر" من قانون العقوبات أن التقاط أو تسجيل أو نقل صور أو محادثات لشخص في مكان خاص دون رضاه يُعد جريمة يُعاقب عليها بالحبس، هذا الحق يعكس احترام المشرع لكرامة الإنسان وحمايته من التعدي على أسراره أو حياته الشخصية، إذن يعتبر التقاط الصورة وتسجيل مقطع الفيديو للغير دون إذن يندرج تحت التعدي علي الحق في الخصوصية.

ما المقصود تحديدًا بالحق في الصورة كما عرفه القانون؟
الحق في الصورة هو "الاستئثار الذي يتيح للشخص منع غيره من أن يرسمه أو يلتقط له صورة دون إذن منه صريح أو ضمني". وما يستتبع ذلك من حقه في الاعتراض علي نشر صورته أو استغلالها بأي وسيلة.

فالصورة ليست مجرد شكل مادي. بل هي انعكاس للشخصية الإنسانية في بعدها المادي والمعنوي. وتعبير عن المشاعر والهوية. ومن هنا. فإن الاعتداء علي الصورة هو في حقيقته اعتداء علي الإنسان ذاته.

ما الأساس القانوني لتجريم تصوير الأشخاص دون إذنهم؟
الأساس هو حماية حرمة الحياة الخاصة من أي انتهاك. القانون لا يفرّق بين أن يكون التصوير لغرض إعلامي أو شخصي. طالما تم دون إذن صاحب الشأن وفي مكان خاص. بل إن المشرع شدد العقوبة إذا استُخدمت هذه الصور أو المقاطع في التشهير أو النشر علي وسائل التواصل الاجتماعي. لأن في ذلك مساسًا بسمعة واعتبار المجني عليه.

كيف تنظرون إلي علاقة مستخدموا مواقع التواصل بالتكنولوجيا الحديثة وتأثيرها علي الخصوصية؟
أصبح الإنسان اليوم يعيش في عالم تسيطر عليه موجة من التطورات التقنية التي غزت كل تفاصيل حياته اليومية. وسهلت له التواصل والعمل والترفيه. لكنها في الوقت ذاته حملت وجهًا مظلمًا يتمثل في انتهاك الخصوصية وتعريه الحياة الخاصة للأفراد.
لقد تحولت الكاميرات والهواتف الذكية إلي أدوات يمكن بها اقتحام أعمق زوايا حياة الإنسان دون إذنه. مما أوجد ضرورة قانونية وأخلاقية لحماية هذا الكيان المسمي "الحق في الصورة" بوصفه أحد أهم صور الحق في الخصوصية.

هل يعتبر الحق في الصورة جزءًا من الحق في الخصوصية أم حقًا مستقلاً؟
اختلف الفقهاء في ذلك علي اتجاهين:
الاتجاه الأول: يري أن "الحق في الصورة فرع من الحق في الخصوصية". فالصورة هي مظهر من مظاهر الحياة الخاصة. والاعتداء عليها يُعد اعتداءً علي الخصوصية.

أما الاتجاه الثاني: فيري أن "الحق في الصورة حق مستقل بذاته". لأن المساس بالصورة قد يقع حتي دون مساس بالخصوصية. كما لو نُشرت صورة شخص في مكان عام دون إذنه.

والراجح أن الحق في الصورة ذو طبيعة مزدوجة. فهو مرتبط بالخصوصية من جهة. ومستقل عنها من جهة أخري تبعًا للغرض من الحماية: إن كان الهدف حماية الحياة الخاصة فهو فرع منها. وإن كان الهدف حماية هوية الفرد من التشويه فهو حق مستقل.

ما الموقف القانوني من تصوير الأشخاص دون إذنهم؟
الأصل أن التصوير دون إذن يُعد اعتداءً علي الحق في الصورة متي كان الشخص محور الصورة أو التُقطت في مكان خاص. إلا أن هناك تمييزًا ضروريًا:
إذا كانت الصورة التُقطت في مكان عام وكان الشخص مجرد عنصر عرضي في المشهد. فلا يعد ذلك اعتداءً. أما إذا كان هو موضوع الصورة أو ظهر بشكل واضح يسهل التعرف عليه. فإن التصوير يصبح غير مشروع ولو تم في مكان عام.

القانون الفرنسي والمصري يتفقان في هذا التوجه. مع افتراض أن من يتواجد في مكان عام قد وافق ضمنيًا علي رؤيته. لا علي نشر صورته.

ماذا عن نشر الصور ومقاطع الفيديو دون إذن أصحابها؟ هل يعد ذلك جريمة؟
نعم. نشر الصور ومقاطع الفيديو دون إذن صاحبها يُعد انتهاكًا لحقوقه الأدبية والمادية. ويعاقب عليه القانون متي ترتب عليه ضرر أو إساءة أو استغلال.

وقد تناول المشرع المصري هذا الأمر في المادة "309 مكرر" من قانون العقوبات التي تجرم نشر أو إذاعة الصور الخاصة بغير رضي صاحبها. ولو لم يكن ذلك علنًا. باعتباره اعتداءً علي حرمة الحياة الخاصة.

هل يختلف الحكم إذا كانت الصورة ومقطع الفيديو تخص شخصية عامة أو مشهورة؟
يُفرّق القانون بين الأشخاص العاديين والشخصيات العامة أو المشهورة.

فالأشخاص المشهورون -سياسيين أو فنانين أو رياضيين- تقل مساحة خصوصيتهم لصالح المصلحة العامة وحق المجتمع في المعرفة.

يجوز نشر صورهم في إطار حياتهم المهنية أو العامة. لكن لا يجوز اقتحام حياتهم الخاصة أو نشر صور تمس أسرهم أو حياتهم الشخصية. لأن الشهرة لا تُسقط كرامة الإنسان أو حقه في احترام خصوصيته.

ما موقف القانون من الشخص الذي يقوم بتصوير واقعة منافية للآداب وينشرها علي مواقع التواصل؟
هذه الحالة تُشكّل جريمة مزدوجة: أولًا. جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة بتصوير أشخاص دون إذنهم. وثانيًا. جريمة نشر أو إذاعة مواد خادشة للحياء العام. ويُعاقب مرتكبها بالحبس والغرامة وفقًا للمادتين "178" و"309 مكرر أ" من قانون العقوبات. وقد تُشدد العقوبة إذا ترتب علي النشر ضرر جسيم للمجني عليه أو أسرته.

ما الدور الذي قامت به الجهات المختصة والمسؤولة في مواجهة هذه الظاهرة..؟
النيابة العامة أدت دورًا توعويًا راقيًا حين أصدرت بيانات تحذر المواطنين من تداول هذه المقاطع. مؤكدة أن حرية النشر لا تُبرر انتهاك الخصوصية أو الإضرار بالسمعة. كما شددت علي أن تداول هذه المقاطع أو حتي مشاركتها يُعد اشتراكًا في الجريمة. ما يحمّل الفاعل المسؤولية الجنائية كاملة.

التقنيات الحديثة مثل الفوتوشوب والذكاء الاصطناعي أصبحت قادرة علي تزييف الصور... كيف يتعامل القانون مع هذه الظاهرة؟
هذه من أخطر التحديات الحديثة. إذ يسرت البرامج الرقمية تشويه الصور وتزويرها أو دمجها في مواقف غير حقيقية.. والقانون يعاقب علي هذا الفعل باعتباره تدليسًا وتشويهًا لسمعة الغير. وقد يندرج أحيانًا تحت جرائم النصب الإلكتروني أو الابتزاز متي استُخدمت الصورة في أغراض غير مشروعة.

كما أن بعض الدول. ومنها فرنسا ومصر. بدأت تتجه نحو تجريم التلاعب الرقمي بالصور باعتباره مساسًا بالكرامة الإنسانية.

هل هناك حالات يُباح فيها التصوير أو النشر دون إذن؟
نعم. هناك حالات استثنائية يباح فيها التصوير دون إذن. منها:
1- الصور الملتقطة عرضًا في الأماكن العامة دون تركيز علي شخص معين.
2- تصوير الأحداث العامة أو الحوادث التي تهم الرأي العام. بشرط احترام الكرامة الإنسانية للضحايا.
3- الصور ذات الطابع التاريخي أو التعليمي أو التوثيقي متي خلت من نية الإضرار بالشخص المصوَّر.. لكن حتي في هذه الحالات. يبقي النشر مقيدًا بحدود الآداب العامة واحترام الكرامة الإنسانية.

ما دور المشرع المصري في حماية الحق في الصورة؟
المشرع المصري خطا خطوات مهمة من خلال قانون العقوبات. والدستور المصري في المادة "57" التي نصت علي أن:
"للحياة الخاصة حرمة. وهي مصونة لا تمس. وللمراسلات والمحادثات والمراسلات الخاصة حرمة وسرية. ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها إلا بأمر قضائي مسبب".

كما أن القضاء المصري في العديد من أحكامه اعتبر أن الحق في الصورة جزء من الحقوق الشخصية اللصيقة بالإنسان التي لا يجوز التنازل عنها أو المساس بها إلا برضاه.

كيف نوعي بعدم التساهل في رفع الهواتف المحمولة في أيد مكان ثم نشر ما تم تصويره علي مواقع التواصل.. كي نرسخ لاحترام الخصوصية؟
علي كل فرد أن يُدرك أن كاميرا الهاتف ليست أداة مطلقة لتوثيق كل ما يُشاهد. فالتصوير دون إذن يُعد جريمة. كما يجب التحقق من المعلومات قبل النشر. وعدم تداول أي محتوي يمس سمعة الغير أو يخالف النظام العام. المسئولية القانونية لا تقع فقط علي من نشر. بل تمتد إلي من أعاد النشر أو شارك المحتوي.

ما هي الإجراءت التي يتبعها المتضرر من الصورة لحماية نفسه وحفظ حقوقه؟
يمكنه تقديم بلاغ في عدة جهات مختلفة مثل تقديم بلاغ رسمي عن طريق الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية المصرية. أو من خلال رقم مكافحة الابتزاز الإلكتروني 108 لتقديم بلاغ عن الجرائم الإلكترونية. أو التوجه لمقر إدارة مكافحة جرائم الإنترنت في التجمع الخامس لتقديم بلاغ. وكذلك تقديم بلاغ إلي النيابة العامة في المحافظة التي يتبعها المتضرر . أو الذهاب إلي قسم الشرطة التابع لمحل إقامته وتقديم بلاغ. يجب أن تتضمن البلاغات تفاصيل كافية عن الواقعة. مثل توقيت ومكان التصوير. وأي أدلة متاحة. مثل الصور أو الرسائل الإلكترونية يفضل تقديم البلاغ في أقرب وقت ممكن بعد وقوع الحادثة.

كلمة أخيرة توجهونها لوسائل الإعلام والجمهور الذي ينصب من نفسه صاحب لهذا الحق؟
أوجه رسالتي إلي الإعلاميين والمصورين وإلي كل مستخدم للتكنولوجيا الحديثة:
* الصورة ليست مجرد لقطة عابرة. إنها كيان إنساني له حرمة وكرامة.
* استخدموا الكاميرا في البناء لا الهدم. في التوثيق لا التشهير. وفي التعبير لا الانتهاك.
* ولنتذكر دائما أن حرية التعبير لا تمارس على حسلب كرامة الإنسان أو حقه فى خصوصيته وصورته.

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق