من 2005 إلى 2025 تلاشى قانون منع التدخين في لبنان... هل ينجح وزير الصحة في إعادة تفعيل تطبيقه؟ - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من 2005 إلى 2025 تلاشى قانون منع التدخين في لبنان... هل ينجح وزير الصحة في إعادة تفعيل تطبيقه؟ - تواصل نيوز, اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 05:57 صباحاً

"مع كل نفس… بتخسر نفس". تحت هذا الشعار، أطلقت وزارة الصحة العامة بالشراكة مع اللجنة الوطنية لمكافحة السرطان، الحملة الوطنية للتوعية على سرطان الرئة، والتي تركز على التحذير من مخاطر التدخين بجميع أشكاله. وقد أعادت هذه الحملة القانون 174 المتعلّق بمنع التدخين في الأماكن المغلقة إلى واجهة الاهتمام، ولاسيّما بعد إعلان الوزير ركان ناصر الدين عزمه طرح التشدد في تطبيقه على طاولة مجلس الوزراء. 

 

خلال الاسبوع الماضي، اكد وزير الصحة اللبناني أن "الأرقام تشير إلى ارتفاعٍ مطرد في عدد المصابين بسرطان الرئة، بما يترافق مع ارتفاعٍ مستمر في الوفيات، ليصبح سرطان الرئة القاتل الأول بين سرطانات الرجال، والثاني بين النساء، والدراسات جميعها قد أثبتت بأن التدخين السلبي لا يقلّ خطورة عن التدخين نفسه، ما يجعل الالتزام بهذا القانون واجبًا وطنيًا علينا جميعًا".
وقال: "للأسف أقرّوا القانون ولكنه لم يُنفذ. ولتطبيق القانون إيجابيات كثيرة فهو يوفر على خزينة الدولة ويخفّض التكاليف العلاجية والاستشفائية ويحمي أرواحًا غالية لا تُقدر بأرقام. 

 

وتابع الوزير ناصر الدين مؤكدًا أن "الوزارة عازمة على تطبيق القانون"، مضيفا أنه "سيعيد طرح الموضوع على طاولة مجلس الوزراء للتشدد في المسألة".

 

 

تدخين النارجيلة.

تدخين النارجيلة.

 

 

هذا القانون الذي يشعل الجدل منذ أكثر من عقدين كلّما عاد إلى الواجهة، يبقى شأنه شأن الكثير من القوانين في لبنان، عرضة لعرقلات وثغر تحول دون تطبيقه الصارم. فما المراحل التي اجتازها قبل إقراره؟ وما الذي حصل بعد تطبيقه حتى تلاشى الاهتمام به وتراجعت متابعته؟

 

مسار تشريعي طويل

بدأت رحلة القانون 174 في كانون الأول/ديسمبر 2005، عندما صادق لبنان على الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ. وصار يتنقّل بين اللجان النيابية لسبع سنوات من دون أن يبصر النور، إلى أن أُقرّ في أيلول/سبتمبر 2011، رغم المعارضة الشرسة التي واجهها من بعض النواب والقطاعات الذين رأوا فيه تهديداً للسياحة والمطاعم والمقاهي. في تلك المرحلة، كانت أرقام الأمم المتحدة تشير إلى وفاة ستة ملايين شخص عالمياً عام 2010 بسبب أمراض متعلقة بالتبغ، مع توقع ارتفاعها إلى ثمانية ملايين بحلول عام 2030، 70% منها في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل. 

 

2012: القانون حيّز التنفيذ… ولكن!

لم يدخل القانون حيّز التنفيذ إلا في 3 أيلول/سبتمبر 2012، مانعاً التدخين في الأماكن العامة المغلقة، بما فيها المقاهي والمطاعم والملاهي، وفارضاً غرامات كبيرة على المخالفين، ومحظّراً جميع أشكال الترويج والدعاية وإعلانات التبغ التي تشجع صغار السن على التدخين. كذلك وضع تحذيرات صحية على مساحة 40% من الوجهين الأمامي والخلفي لعلب السجائر، وفرض على كل من يتم ضبطه يدخّن في مكان عام مغلق غرامة بقيمة 135 ألف ليرة لبنانية، فيما ألزم مالك المقهى أو المطعم دفع غرامة تبدأ بمليوني ليرة لبنانية في حال ثبوت غضّ النظر عن المخالفين.

 

لكن الاحتجاجات بدأت، إذ اعترض أصحاب المطاعم والمقاهي على القانون الذي اعتبروه مضراً بمصالحهم، رافعين شعار "ارحموا السياحة"، ومطالبين بتعديله ليستثني المطاعم التي تقدم الأراكيل. ودعوا إلى التمهل في إصدار محاضر الضبط، معلنين رفضهم المنع المطلق، إذ إن مواردهـم قد تتراجع من 735 مليون دولار إلى 282 مليوناً سنوياً. في المقابل، احتفلت الجمعيات المدنية بالخطوة، معتبرة أنها بداية "مرحلة صحية جديدة". وبين هذا وذاك، ظهرت فئة ثالثة رددت العبارة الأكثر واقعية: "القانون يُطبق في البداية فقط… ثم يُنسى". وهذا ما حدث بالفعل، إذ سرعان ما ارتفعت نسب المخالفات، وعاد التدخين تدريجا إلى معظم المقاهي والملاهي.

2019: محاولة جديدة

بعد ثماني سنوات على إقرار القانون، أعاد وزير الصحة يومها جميل جبق فتح الملف، حين قدّمت منظمة الصحة العالمية أرقاماً مقلقة، وقالت إن 38% من البالغين هم من المدخنين (47.6% ذكور و29% إناث). إلى ذلك، أعلن جبق وزارة الصحة "منطقة خالية من التدخين"، واضعاً خطة من ثلاث خطوات:

- تشديد الرقابة على المؤسسات، وتكبيد المؤسسة المعنية غرامة مرتفعة، وإقفالها في حال تكرار المخالفة.

- رفع أسعار المنتجات التبغية.

- منع بيع التبغ لمن هم دون الـ18 عاماً.

 

وبين 2019 و2025 لم يتغير شيء، بل ارتفعت نسبة المدخّنين لتبلغ 45% من الرجال و35% من النساء، في حين لم تتجاوز نسبة غير المدخّنين 20%، مع تسجيل نحو 4000 حالة وفاة سنوياً مرتبطة بالتدخين. 

 

وفي هذا السياق، لفت وزير الصحة ركان ناصرالدين في أيار/مايو الماضي إلى أنّ قانون رفع الرسوم على التبغ والكحول بات في عهدة اللجان النيابية المشتركة، وهو مقترح يُفترض أن يشكّل خطوة إضافية للحد من انتشار التدخين.

 

 

اعلان للاقلاع عن التدخين صادر عن منظمة الصحة العالمية.

اعلان للاقلاع عن التدخين صادر عن منظمة الصحة العالمية.

 

 

بعد مرور أكثر من عشرين عاماً، تبقى مواقف اللبنانيين من القانون 174 كما هي، بين من يراه "تعدّياً على الحرية"، ومن يعتبره حماية لحقه في هواء نظيف. وبين هذين الرأيين، تبقى الصحة العامة الخاسر الأكبر، في ظل دولة تُقرّ القوانين لكنها نادراً ما تُتابع تطبيقها. فهل تنجح الحملة الجديدة في تطبيق القانون هذه المرّة؟

 

زيادة الطلب على الدخان المحلي

يؤكد رئيس اتحاد نقابات مزارعي التبغ في لبنان حسن فقيه، أن "قبل الأزمة، كان يُباع نحو 350 مليون علبة سجائر محلية سنوياً، أما اليوم فقد ارتفع العدد إلى ما بين 500 و600 مليون علبة".

 

ويُعدد فقيه العوامل التي أدّت إلى هذا الارتفاع، ومنها "ازدياد عدد النازحين، بالإضافة إلى البطالة والفقر"، مضيفاً: "كان يُباع نحو 80% من الدخان الأجنبي مقابل 20% فقط من الإنتاج المحلي (Cedars)، أما اليوم، وبعد أن طورت إدارة حصر التبغ والتنباك المنتج المحلي، فقد تبدّل الواقع بشكل معاكس".

 

ويشير فقيه إلى أن "الطلب ازداد على الدخان ذي السعر المنخفض، ما يدلّ على مستوى الملاءة المالية للمواطن وقدرته الشرائية".

 

أما في ما يخص المعسّل، فيوضح فقيه أن "هناك أيضاً ارتفاعاً في نسبة الاستهلاك، بنحو 5 ملايين كيلو سنوياً من قبل اللبنانيين، أي بزيادة تبلغ حوالي 10%"، لافتاً إلى أن "الأوضاع الاقتصادية العامة والبطالة تسهم في هذا الارتفاع في الاستهلاك".

 

 9200 يموتون سنويا في لبنان بسبب أمراض متعلقة بالتدخين

في آخر الإحصاءات، أكد ممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان عبد الناصر أبو بكر أن "لبنان يحتل المرتبة الأولى في المنطقة من حيث ارتفاع معدل انتشار التدخين، وهو ما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات حاسمة في مجال مكافحة التبغ".

 

وعلى الرغم من التحذيرات الصحية والتوعية المتزايدة بمخاطر التدخين، ما زال الإقبال على هذه المنتجات جزءاً من نمط الحياة اليومية لدى شريحة واسعة من اللبنانيين.

 

وكشفت دراسة جديدة أطلقتها وزارة الصحة اللبنانية ومنظمة الصحة العالمية واتفاقية منظمة الصحة العالمية أن "ما يقرب من 9200 يموتون سنويا في لبنان بسبب أمراض متعلقة بالتدخين وهو عدد يمثل أكثر من 25 % من الوفيات في البلاد".

 

كما يتكبد لبنان بسبب تعاطي التبغ "خسائر اقتصادية وبشرية باهظة" قدرها 5.3 تريليونات ليرة كل عام (140 مليون دولار أميركي) بما يعادل 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي في لبنان، وفق الدراسة.

 

إنقاذ حياة 40 الف شخص

كشف تقرير جديد أن لبنان يمكنه تحقيق مكاسب اقتصادية تتجاوز 400 مليون دولار، وإنقاذ حياة نحو 40 ألف شخص خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة، من خلال تطبيق توصيات اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ.

 

أشارت الدراسة إلى أن التكلفة السنوية لاستهلاك التبغ في لبنان تبلغ نحو 140 مليون دولار، ما يمثل 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي. وتتضمن هذه التكلفة نفقات الرعاية الصحية، وانخفاض الإنتاجية، وخسائر التنمية البشرية. 
وأبرزت أن الفوائد الاقتصادية لتطبيق سياسات مكافحة التبغ تفوق بكثير تكاليف التنفيذ، حيث تقدّر الفوائد بنحو 15.2 تريليون ليرة لبنانية مقابل 177 مليار ليرة فقط من التكاليف.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق