المتداول: صورة تظهر، وفقاً للمزاعم، "البابا لاوون الرابع عشر وهو ينظر الى صخرة الروشة، أثناء عبور طائرته فوق بيروت"، أمس الاحد، قبيل هبوطها في مطار رفيق الحريري الدولي. 

الا أنّ هذا الزعم غير صحيح.

الحقيقة: هذه الصورة زائفة، معدّلة. والصورة الاصلية التي تعود آثارها الى 3 آب 2025، تظهر البابا لاوون الرابع عشر في هليكوبتر، على هامش انعقاد "يوبيل الشبيبة" في العاصمة الايطالية روما. وبدا من نافذته مشهد مختلف. FactCheck# 

"النّهار" دقّقت من أجلكم 

بدا البابا لاوون جالساً في طائرة، فيما كان ينظر من نافذة، حيث بدت صخرة الروشة. وقد انتشرت الصورة بكثافة خلال الساعات الماضية في حسابات ارفقتها بتعليقات مختلفة، مثل "وصل راعي السلام"، و"ان شاء الله تكون زيارة سلام لاحلى بلد لبنان". 

الصورة المتناقلة بالمزاعم الخاطئة (اكس)

الصورة المتناقلة بالمزاعم الخاطئة (فايسبوك)

البابا يدعو اللبنانيين الى التحلي بـ"شجاعة" البقاء في بلدهم

تزامن انتشار الصورة مع وصول البابا لاوون الرابع عشر عصر أمس الأحد الى بيروت، في زيارة تستمر 48 ساعة، يحمل خلالها رسالة سلام الى اللبنانيين الذين عصفت بهم أزمات متلاحقة خلال السنوات الأخيرة، وفقا لما أفاد مراسل لوكالة "فرانس برس" في الطائرة البابوية.

وفي مطار بيروت، كما في القصر الرئاسي، أقيمت مراسم استقبال رسمية للحبر الأعظم، حضرها رؤساء الجمهورية جوزف عون، والحكومة نواف سلام، والبرلمان نبيه بري. وترحيبا بوصوله، أطلقت مدفعية الجيش 21 قذيفة خلبية بينما أطلقت السفن الراسية في مرفأ بيروت أبواقها.

وسلك موكب البابا طريق المطار في ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله، حيث كان عناصر من كشافة المهدي التابعين للحزب ينتشرون على جانبي الطريق، قرب صور مرفوعة للأمين العام السابق للحزب حسن نصرالله الذي اغتالته اسرائيل بضربات جوية العام الماضي.

واجتاز البابا الجزء الأخير من الطريق المؤدي الى القصر الرئاسي داخل سيارته "بابا موبيل"، وحيا المئات من المؤمنين الذين تجمعوا تحت أمطار غزيرة ورفع بعضهم أعلام دولة الفاتيكان. وشاهد من داخل سيارته رقصا فلوكلوريا ترحيبا به أدته فرقة لبنانية في باحة القصر.

وفي خطاب ألقاه في القصر الرئاسي في بعبدا قرب بيروت، بحضور السلطات وديبلوماسيين، تحدث فيه عن صفات "فاعلي السلام"، قال البابا: "هناك لحظات يكون فيها الهروب أسهل، أو ببساطة، يكون الذهاب الى مكان آخر افضل"، مضيفا " يتطلب البقاء أو العودة إلى الوطن شجاعة وبصيرة".

"النهار" في تغطية مباشرة لزيارة البابا لاوون إلى لبنان: "كونوا فاعلين بالسلام، لا للخوف ولا للفشل"

وخاطب البابا اللبنانيين بالقول "أنتم شعب لا يستسلم، بل يقف أمام الصعاب ويعرف دائما أن يولد من جديد بشجاعة".

حقيقة الصورة 

الا ان الصورة المتناقلة للبابا لاوون ناظرا الى صخرة الروشة، زائفة. 

والدليل على ذلك العثور على الصورة الاصلية منشورة في حسابات موقع "فاتيكان نيوز" في 3 آب 2025، مرفقة بعبارة للبابا لاوون "في ختام يوبيل الشبيبة". 

الصورة الاصلية منشورة في صفحة موقع فاتيكان نيوز في الفايسبوك، في 3 آب 2025

وفي هذه الصورة الاصلية، ظهر مشهد مختلف من نافذة الطائرة، وبالطبع ليس صخرة الروشة. 

مقارنة بين الصورتين الاصلية (الى اليمين)، والمتناقلة (الى اليسار)

ولم يضف موقع "فاتيكان نيوز" اي تفاصيل بشأنها. ولكن تاريخ نشرها في 3 آب 2025، وإشارة الموقع الى "يوبيل الشبيبة" يضعنا امام حدث اقامة هذا اليوبيل في روما، من 28 تموز 2025 الى 3 آب 2025، ضمن احتفالات سنة اليوبيل المقدسة 2025، التي تحييها الكنيسة الكاثوليكية كل 25 سنة.

ومساء السبت 2 آب 2025، ترأس البابا لاوون الرابع عشر أمسية صلاة في مناسبة يوبيل الشبيبة في منطقة تور فيرغاتا على مشارف روما. ونشرت وكالة "غيتي ايماجيز" صورة له التُقطت في ذلك اليوم، "لدى وصوله بالهليكوبتر إلى تور فيرغاتا للمشاركة في السهرة". 

صورة نشرتها وكالة غيتي ايماجيز في 2 آب 2025

وكانت في استقباله يومذاك أعداد كبيرة من الشباب من جميع أنحاء العالم. وتضمنت الأمسية حوارا بين البابا وثلاثة شبان وشابات أعربوا عما في قلوبهم وفي قلوب أترابهم من رجاء وشكوك وتساؤلات، وفقا لما أورد موقع "فاتيكان نيوز".  

والاحد 3 منه، احتفل البابا بالقداس الإلهي في تور فيرغاتا، مختتماً يوبيل الشبيبة. 

يشار الى ان نسخة معدلة أخرى لهذه الصورة الاصلية انتشرت قبيل وصول البابا لاوون الى بيروت، ونشرت "النّهار" مقالة تدقيق بشأنها. 

سيدة حريصا من نافذة طائرة البابا لاوون... ما القصة؟ النهار تتحقق FactCheck

برنامج اليوم الثاني لزيارة البابا 

ويستهل البابا لاوون اليوم الثاني من زيارته للبنان بحج صباحي الى ضريح القديس شربل، "قديس لبنان"، كما يسمّيه كثيرون، والذي يشكّل ضريحه في بلدة عنايا الجبلية الواقعة على بعد 54 كيلومترا شمال بيروت محجا لمسيحيين ومسلمين، على ما ذكرت وكالة "فرانس برس". 

وهي المرة الأولى التي يزور فيها رأس الكرسي الرسولي الدير التابع للرهبانية اللبنانية المارونية. وقد أسس الجزء الأول منه عام 1828، وواصلت الرهبانية تطويره وزيادة أجزاء عليه، لا سيما بعد إعلان قداسة القديس شربل الذي دفن في المكان منذ عام 1898.

وبعد ضريح القديس شربل، يلتقي البابا الأساقفة والكهنة والعاملين في الكنائس في مزار سيدة لبنان الواقع على تلة في حاريصا مطلة على مدينة جونية الساحلية، على أن يلتقي بعدها البطاركة الكاثوليك في مقر إقامته في السفارة البابوية.

وبعد ظهر الإثنين، يتوجه الحبر الأعظم الى ساحة الشهداء في وسط بيروت، حيث يشارك في لقاء مسكوني وحواري بين الأديان، يتوقع أن يجدد فيه رسائله المؤيدة للوحدة واحترام التنوع الديني، على غرار ما فعله في تركيا.

ويختتم البابا لاوون برنامج اليوم الثاني من زيارته بلقاء حاشد مع الشباب في مقر البطريركية المارونية في بكركي بشمال بيروت، حيث سجّل أكثر من عشرة آلاف شخص تتراوح أعمارهم بين 16 و35 سنة، اسماءهم لحضوره وفقا للمنظمين. وبين هؤلاء أكثر من 500 شاب وشابة يأتون من الخارج. ويلقي الحبر الأعظم كلمة على مسامع الشباب، بعد سلسلة عروض وتقديم الهدايا له.

تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً ان "البابا لاوون الرابع عشر ظهر في صورة وهو ينظر الى صخرة الروشة اثناء عبور طائرته سماء بيروت"، قبيل هبوطها في المطار أمس الاحد. في الحقيقة، هذه الصورة زائفة، معدّلة. والصورة الاصلية التي تعود آثارها الى 3 آب 2025، تظهر البابا لاوون الرابع عشر في هليكوبتر، على هامش انعقاد "يوبيل الشبيبة" في العاصمة الايطالية روما. وبدا من نافذته مشهد مختلف.